يطالب كثير من المتابعين لأزمة إسلام البحيرى، خاصة بعد تأييد الحكم بسجنه سنة، بأن يتدخل الرئيس عبدالفتاح السيسى فى حل هذه الأزمة، بأن يُمنح الكاتب عفوا رئاسيا، وبذلك تنتهى الأزمة التى تقلق بال المثقفين وتجعلهم يشعرون بالخطر، ويتحسسون أقلامهم وأفكارهم، بينما سارعت الكاتبة والشاعرة فاطمة ناعوت المحكوم عليها بالسجن 3 سنوات والغرامة 20 ألف جنيه، وصرحت بأنه لو تم الحكم عليها بالسجن بشكل نهائى فإنها ترفض أن يتدخل الرئيس السيسى ليمنحها عفوا رئاسيا، لكن السؤال الأساسى هل العفو الرئاسى هو الحل لمثل هذه القضايا؟
فى هذه المعادلة بين الرئاسة والمثقفين شيئان، الأول أن قضية «ازدراء أديان» وهى باتفاق الكثيرين تهمة غامضة وغير واضحة تمت صياغتها، من قبل، فى ظروف خاصة لكنها ليست دائمة ولا مسلطة على رقاب المجتمع، ثانيا المطلوب تدخله هو رئيس الجمهورية، لكن المطالبين بتدخل الرئيس لم ينتبهوا إلى أن العفو الرئاسى يعنى الإقرار بالخطأ والإدانة، وأن هذا العفو يأتى نظرًا لظروف معينة لحالة السجين، فيتدخل الرئيس لينهى هذه الأزمة، لكن لو حدث هذا فى أزمة «البحيرى» أو غيره فإن الثقافة وحرية الإبداع لن تربحا شيئا، وستظل هذه الحلول حتى لو قام بها أعلى مسؤول فى الدولة مجرد حلول فردية.
هذا الكلام أساسى سواء اتفقنا مع «البحيرى» أو اختلفنا معه، وسواء رأينا قول فاطمة ناعوت حقيقيا، أم مجرد ثرثرة على موقع تواصل اجتماعى، فمشكلة «حرية الإبداع» تكمن فى القوانين وفى التشريعات، لذا على المثقفين والمهتمين بالقضية ألا يطلبوا تدخل الرئيس، لكن عليهم أن يوجهون كلامهم للبرلمان، ويطالبون بتشريع دائم يقاس عليه دائما، ولا يصبح الأمر خاضعا لوعى القاضى ومفهومه للثقافة، ففى هذه القضية لسنا فى حاجة إلى روح القانون، ولا المعنى الواسع للعدالة، لكننا نحتاج للعدل نفسه وللتشريع ذاته، لا نريد أن تكون الثقافة عرضة لرضا أحد أو لغضبه، بل تستحق هى أن يكون لها إطارها القانونى الذى يحميها.
ربما كانت أزمة إسلام البحيرى تحمل فى باطنها الحل المنتظر لتاريخ من المصادرة، خاصة أن هناك ظروفا خاصة ألمت بها، فقد حدثت الأزمة، بينما البرلمان فى بداية عمله وما زال رجاله لم تخفت همتهم بعد، وحتى يكتمل الأمر تم تأييد الحكم ولم يعد أمام رجال المجلس أى مبرر للتقاعس عن حسم هذه المشكلة الدائمة التى ستطول الجميع إن لم يتم الانتباه لها.
لم يعد هناك وقت لنعيشه فى ظلال مشكلات مكررة، وعلينا أن نبحث عن آليات أخرى فى مواجهة المختلف معنا، بعيدا عن السجون، أو المصادرات، أو التكفير، وأن نبحث أيضا عن حلول دائمة ونهائية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة