كان الله فى عون الرئيس عبدالفتاح السيسى، كما يحلو لى بأن أقول عنه «زعيم المعارضة»!! لا أسخر، فالرجل يدير أزمات ما تبقى من وطن بنفسه، ودعونا نتحدث بصراحة، وبدون «تطبيل» مثل بعض «الإعلمجية»، السيسى صاحب الرؤية الخاصة بإعادة بناء الدولة وترشيد المجتمع، وهو رئيس الوزراء الذى يخطط ويتابع المشاريع الكبرى، وهو وزير الخارجية الذى يطوف العالم شرقا وغربا، بحثا عن استعادة مكانة مصر والحصول على تمويلات لمشاريع الوطن، وهو وزير الإعلام الذى يتحسس الإعلاميين بل، ومثل أى مشاهد يدخل ويتحدث فى مداخلات من أجل الترشيد، وهو وهو وهو إلخ، وأخيرا يتقدم إلى «الألتراسيين» بدعوة للحوار، وفجأة وفى انتهازية مفرطة تستغل الأحزاب الدعوة، وتطلق مبادراتها لحل أزمات الشباب وهى التى فشلت فى احتواء حتى شبابها، ووصل الأمر إلى اعتصامات ومواجهات بين الأحزاب وشبابها، والمدهش أن الإعلمجية وبارونات الإعلام أسرعوا بـ«الطنطنة» بالحوار مع الشباب، وبدون دواعى الأدب فإن البارونات الذين شاركوا بالقسط الأكبر فى إفساد هؤلاء الشباب بعد ثورة 25 يناير، ولعلى فى ذلك أتذكر مقالا كتبته هنا فى 5/10/2011، أى بعد الثورة بشهور بعنوان: «غسيل الأشخاص وتسليع الثوار» جاء فيه: قطاعات كبيرة من الصحفيين والإعلاميين لم تسعفهم قدراتهم المهنية لمواكبة بركان الحرية الذى انفجر بعد ثورة 25 يناير، استثمارات كبيرة تتدفق فى صناعة الإعلام من كل حدب وصوب، وصارت القاهرة سوقا ومرتعا للمال الإعلامى أكثر من بيروت، عمليات «غسيل أشخاص» وصناعة نماذج إعلامية وسياسية رديئة، وتحت الطلب لما هو مقبل، ولكن أخطر ما يقوم به الإعلام هو «تسليع» شباب الثورة، أقصد تحويلهم إلى سلعة إعلامية لزيادة عدد المشاهدين أو القراء، على سبيل المثال، شاب فى بداية عقده الرابع يكتب 9 مقالات فى الأسبوع ما بين كبريات صحف القومية والخاصة، ويستضاف فى الكثير من البرامج والمحافل، كيف يتأتى ذلك وكبار الكتاب المحترفين يكتبون مقالا يوميا بمعاناة! والآن بعد أربع سنوات تأكدنا من غسيل أشخاص وتحولهم من أشخاص مغمورين ومستورين بالكاد إلى أنهم صاروا من أصحاب توجيه الرأى العام!!
على الجانب قامت تلك الشخصيات بالدور المنوط بها فى تسليع من سموهم «الشباب الانقياء» وأفسدوهم، أكثر مما هم فاسدون، ثم انقلبوا عليهم وحولوهم من ملائكة إلى شياطين، ثم شوهوا ثورة 25 يناير وفق خطة ممنهجة، واشتروا الأصوات بالمال الانتخابى، ثم يحدثونك الآن عن الحوار مع الألتراس والشباب.. منتهى الانتهازية!!
لست ضد الحوار، ولكن بهذه الطريقة نحن نعيد ذات الأخطاء، وبصراحة نبارك العنف الفكرى واللفظى والبدنى، والبديل هو ما تفعله بعض الوزارات أو مبادرات المجتمع المدنى فى تشجيع الشباب والاستعداد للمحليات المقبلة، وتوسيع نطاق المشروع الرئاسى لتثقيف الشباب، والذهاب إلى الشباب فى القرى والنجوع. «للعلم أعرف فى الصعيد أكثر من عشرين مبادرة شبابية» تحتاج للتشجيع والحوار وتسكينهم فى البناء الديمقراطى وبعدها نهتم بالألتراس. وإن كنت أشكر الرئيس على دعوته للحوار وللرجل الصامت اللواء أحمد جمال الدين، إلا إننى أدعوهم بالاهتمام بمبادرات القرى والنجوع أولا، ثم بدعاة العنف، وفرض الرأى «بالدراع»، ثانيا حتى لا نعيد إنتاج الفشل ونحبط من يعملون على الأرض وخلف خطوط برامج أصحاب البارونات.