فى زمن الانحطاط، ترتفع فيه هامات التافهين، والشتامين، ويخشاهم الجميع، ويتقهقر دور القامات العالية، وأهل الشرف والكرام.
فى زمن الانحطاط تختلط فيه أنساب المفاهيم، فيصبح الشريف، لصا، والكفء، معتوها، والوطنى، طبالا، والخائن، ثوريا، والمتحولون، مثقفين وأصحاب فكر وبصيرة واستنارة.
والمتأمل للمشهد العام فى هذا الوطن منذ عام 2005، يدرك أن هناك تحولا خطيرا، وترديا مذهلا فى كل مناحى الحياة، وتدهورا بشعا فى الذوق العام، وحالة من التكلس المجتمعى، وسادت لغة عجيبة وغريبة على الشعب المصرى، وبدأت اللغة الأم فى التدهور، وتساهلت الدولة حينها فى نمو وتمكين جماعة الإخوان الإرهابية، وتركت لها الحبل على الغارب للتسلل كالخفافيش لتسكن كل مفاصل الدولة.
كما ساندت الدولة حينذاك فى ظهور ونمو وتضخم روابط الألتراس، وأفلام المقاولات، واختفاء طقس تحية العلم من المدارس الدولية، وتدهور العلم وإهانته بشكل لم يسبق له مثيل من قبل فى كل المؤسسات الحكومية، كما تساهلت فى نمو ورعرعة العشوائيات لتصبح حزاما ناسفا حول وسط العاصمة والمدن الرئيسية، وظهر ذلك يوم 28 يناير 2011، حين خرج عدد من هؤلاء ليشيعوا الرعب فى قلوب المصريين الآمنين فى مناطق القاهرة والجيزة، بجانب المحافظات المختلفة.
وبعد ثورة 25 يناير 2011، انحرف مسار الدولة انحرافا خطيرا، عن الطريق المتجذر فى أعماق التاريخ، ثقافيا وحضاريا وتنمويا وأمنيا، واختل ميزان كل شىء، ودشنت للفرقة والتناحر وتقطيع نسيج وحدة المجتمع، وإعلاء شأن النعرة الفئوية، والمذاهب السياسية، والدفع بالحركات الفوضوية لتصدر المشهد، والدفع بالجماعات والتنظيمات الإرهابية للحكم.
كما أعطت الغطاء الشرعى لمواقع التواصل الاجتماعى وفى القلب منها «الفيس بوك» و«تويتر»، ليتسلل إليها كل الأيادى الأثمة، من أجهزة استخبارات دولية تعمل ليل نهار على إسقاط البلاد فى وحل الفوضى والتقسيم، وأدوات اتصال سهلة ويسيرة بين أعضاء الجماعات والتنظيمات الإرهابية والتكفيرية فى الداخل والخارج، لتنفيذ عمليات إرهابية فى البلاد.
تلك الحالة فيما قبل الثورة، واستفحالها، وارتفاع مؤشر التشويه، وخلق مصطلحات تحمل كل العيوب الخلقية، بعد الثورة، أمور تقتلع الدولة من جذورها التاريخية والثقافية والحضارية، بعنف وقوة، وتخلق مجتمعا بلا هوية، ومفرغا من قيمه الأخلاقية والوطنية، ولا يعترف بالانتماء، ويصبح فيه الأصدقاء على الفيس بوك، ويقطنون إسرائيل وباكستان، أهم وأفضل من بنى جنسيته المصرى الذى لا تربطه به أى علاقة.
كما طفت على الساحة وسيطرت على المشهد طوال السنوات الثلاث الماضية، مجموعة النحانيح، ومرضى التثور اللاإرادى، والسلس الثورى، ونشطاء «كارهى الاستحمام»، ودشنوا الكراهية المفرطة للمؤسسة العسكرية، ومن خلفها الشرطة، وأشهروا سيوف التخويف فى كل من يدافع عن الدولة الوطنية، ويلصقون بهم تهماً مثل: عبيد البيادة، والمطبلاتى، وكأن الأصل أن تهين مؤسستك العسكرية وتتآمر ضد بلادك.
إلى هؤلاء بجانب نخب العار، نقول لهم من يدشن لمصطلح «المطبلاتى» أصله «راقص»، لأن أصل الأشياء تقول: «الذى يعرف التطبيل من تربى على الرقص»، وأن محاولتكم انتهاك شرف الحقيقة وإشاعة الخوف والرعب فى قلوب كل من يدافع عن الدولة الوطنية، فاشلة، وساذجة، ولن تؤثر قيد أنملة فى مواقفهم، وما أنتم إلا فقاقيع فى الهواء، تندثر فى فيمتوثانية، ولا تترك أى أثر.