نعم فعل حسنًا الرئيس السيسى عندما دعا شباب ألتراس الأهلى إلى حوار، ففكرة الحوار بداية وفى الأساس هى الطريق الصحيح والأمثل لإعادة اللحمة الوطنية المصرية، كما أنه لا ديمقراطية بدون حوار وبدون تعددية، نعم كانت مداخلة الرئيس ودعوته للحوار مع ألتراس الأهلى تحديدا قد أخذت ردود أفعال كثيرة ومتباينة بين رفضٍ وقبول.
وهنا لا نريد مناقشة أسباب ذلك الرفض، حيث إن الرافضين لأى حوار هم الذين يتصورون خطأ أن بقاء الوضع كما هو وأن ما يتحقق من نتائج على أرض الواقع يصب فى صالحهم الخاص ويحقق تطلعاتهم الذاتية التى يغطونها بغطاء الوطنية وكأن هذه الوطنية لا تعرف سواهم، كما أن هؤلاء هم الذين يصبون جام غضبهم على الشباب أى شباب وعلى 25 يناير وعلى كل من ينتمى إليها، الشىء الذى أوجد شرخا حقيقيا فى المشهد السياسى لا ولن يكون أبدا فى صالح أحد على الإطلاق.
أما قبول الحوار، فهذا واجب ملح ويجب تحقيقه بكل الطرق وعلى كل المستويات، فالرئيس قد اتخذ واقعة ألتراس الأهلى وما حدث فى استاد مختار التتش فرصة لطرح وجهة نظره التى كانت معبرة وبصدق عن كثير من المعاناة التى يعيشها الوطن والنظام، وبالتالى ليس بالضرورة أن يكون الحوار كما يتصور البعض مع ألتراس الأهلى، حيث إننا قد وجدنا ألتراس المصرى قد قام بمظاهرات حاشدة الجمعة الماضى فى استاد النادى المصرى تصورا منهم انحياز الرئيس لوجهة نظر الأهلى ضد المصرى.
ولا أعتقد أن الرئيس قصد ويقصد ذلك إطلاقا، ولذا نحن هنا نتحدث عن فكرة الحوار بشكل عام ومع الشباب كل الشباب المصرى بشكل خاص، إضافة إلى كل فئات المجتمع من سياسيين ومثقفين وعلماء، ومع كل فئات الشعب المصرى، ولذا لا بد من وضع استراتيجية حقيقية علمية وواقعية تحدد هذا الحوار مع من وكيف يكون وأين وما القضايا المطروحة وكيفية رصد المقترحات والآراء وإمكانية وضعها فى إطار التطبيق والاستفادة العملية بعيدا عن الحوارات الشكلية الديكورية الإعلامية التى لا تهدف لغير امتصاص الغضب وتنفيس الكبت، فالحوار لابد أن يشمل كل الشباب فى كل المحافظات والمراكز والقرى سواء كانوا سياسيين أو ليس لهم فى العمل العام، حيث إن الشباب هم الطاقة والقوة الفاعلة التى يحتاجها الوطن الآن ومستقبلاً، فلا مبرر للتعامل مع فئة بعينها عالية الصوت من الشباب وإهمال الباقى.
أما كيف وأين؟ فليس بالضرورة أن يكون هذا الحوار مع الرئيس بشكل مباشر وفى كل الأحوال فهناك طرق وأساليب عديدة يمكن أن يدار من خلالها هذا الحوار الذى يجب أن يكون فى إطاره الطبيعى وليس المصطنع الذى يفقد هدفه ويتسرب زخمه قبل أن يبدأ، فهناك مراكز الشباب والنوادى الرياضية وقصور ومراكز الثقافة وجمعيات العمل الأهلى والأحزاب التى عملها الأساسى تربية هذا الشباب سياسيا وليس الحوارمعهم فقط.
هناك دور للمدارس والجامعات ودور العبادة، وبالطبع هذا يوجب إعداد الكوادر التى يمكنها إدارة هذا الحوار من حيث القدرة، والأهم الثقة،أما القضية المهمة هى أن يتسم هذا الحوار بالمصداقية والشفافية والموضوعية والحرية فى إبداء الرأى أيًّا كان هذا الرأى، لأننا نريد حوارا حقيقيا يحقق ديمقراطية التنفيذ لا حوارا شكليا لا يهدف لغير ديمقراطية التنفيس.
فهل قصد الرئيس هذا وما هى حدود هذا الحوار؟ وهل هناك حكومة تعى هذا وتستوعب أهمية وخطورة هذا الحوار؟ أم سنظل نتحدث عن الشباب وإتاحة الفرصة لهم ولا نجد غير الكلام الساكت، فالرئيس قال إن الموقف صعب والأمر خطير، فكفى تقاعسًا وتباطؤًا حتى لا نندم حين لا ينفع الندم، وحتى تصبح مصر بحق ملكًا لكل المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة