ماذا تريد قطر من مصر؟..
كان متوقعاً أن تحاول قطر إفشال الإجماع العربى على اختيار وزير الخارجية الأسبق أحمد أبوالغيط أميناً عاماً لجامعة الدول العربية، وكان معروفاً أيضاً أن قطر ستغرد بمفردها فى اجتماع وزراء الخارجية العرب الذى امتد حتى العاشرة مساء الخميس الماضى، لأن الإجماع العربى على أبوالغيط كان واضحاً قبل الاجتماع بأيام، لكن ما ليس مفهوماً بالنسبة لى ما قاله وزير الخارجية القطرى أثناء أبدا تحفظه، فهو تحدث بلغة غير مفهومة وبلهجة ليست لائقة، ولا تعبر عن حجم دولته السياسى وسط المنطقة، حتى وإن امتلكت ثروة بترولية جعلتها تتحكم فى ضمائر البعض.
محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثانى، وزير خارجية قطر، قال فى تحفظه: «أود الترحيب بترشيح جمهورية مصر العربية لمرشح من مواطنيها لمنصب الأمين العام، كذلك كان بودنا أن يكون هناك توافق على شخص الأمين العام المرشح، لذلك كان هناك مزيد من التشاور حول هذا الموضوع ورغبة منا وحرصا منا على ألا يؤثر ذلك على العمل العربى المشترك، فنحن سنكون مع هذا التوافق رغم تسجيل تحفظنا على شخص المرشح، ونتطلع أن يطلع الأمين العام بمسؤولياته وأن يتعامل مع كل الدول العربية بما يخدم مصلحة العمل العربى المشترك، وأن يثبت لنا من خلال عمله فى الجامعة أنه أهل لهذا التوافق، وأن يزيل بذلك أسباب هذا التحفظ».
هذا ما قاله الوزير القطرى نصاً، وهو ما يشير إلى عقدة تسيطر على حاكم أمارة قطر، عقدة كبرى اسمها مصر، وأخرى صغرى اسمها أحمد أبوالغيط، وإذا كان مفهوماً لماذا يكره حكام قطر مصر، فمن الضرورى أن نتوصل إلى أسباب موقفهم من أبوالغيط.
إذا عدنا للوراء وتحديداً إلى فبراير 2009 سنتوصل إلى الإجابة، فوقتها حاولت قطر إحداث انقسام فى الموقف العربى حينما دعت إلى قمة عربية طارئة تعقد فى العاصمة الدوحة، لبحث تطورات الأوضاع فى قطاع غزة، قبل يومين من قمة عربية كان مقرراً عقدها فى الكويت، رفضت مصر الدعوة القطرية، وطلبت الاكتفاء بقمة الكويت، لكن القطريين صمموا على رأيهم واستمروا فى توجيه الدعوات لعقد قمة عربية فى الدوحة، فتحرك أبوالغيط الذى كان وزيراً لخارجية مصر وقتها وأقنع الدول العربية بعدم جدوى قمة الدوحة، مادام أن القادة العرب سيجتمعون فى القمة الاقتصادية العربية بالكويت، وحينما فشلت المساعى القطرية خرج أميرها السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى، وقال كلمته الشهيرة «حسبى الله ونعم الوكيل»، ومن وقتها لم ينس القطريون لأبوالغيط أنه هو من أفشل مساعيهم لأحداث الفرقة بين الدول العربية.
كما لم ينس القطريون لأبوالغيط حديثه الدائم عن مخططاتهم الهدامة فى المنطقة، منذ أن أعلنوا مساندتهم اللامحدودة لتيارات الإسلام السياسى فى دول العربية العربى، ووقوفهم بجانب جماعة الإخوان الإرهابية، فأبوالغيط تحدث عما رأه ويراه غيره من مخططات هدامة تقودها قطر، لكن القطريين لا يريدون لأحد أن يتحدث بالحقيقة، وإن تحدث فهو عدو لهم.
هل سيغير أبوالغيط موقفه من قطر؟.. القطريون يأملون فى أن يغير أبوالغيط موقفه من قطر، رغم يقينهم بأنه لا يعادى قطرو، لكنه كان منتقداً لمواقفهم وتحركاتهم المشبوهة فى المنطقة، التحركات التى دفعت دول الخليج للمرة الأولى لسحب سفرائهم من الدوحة، اعتراضا على التدخلات القطرية فى الشؤون الداخلية للدول العربية ودول الخليج، فالعرب كلهم يرفضون ما تقوم به قطر وليس أبوالغيط فقط هو ومن اعترض أو تحدث عن هذه التحركات، كما أن الجميع يحدوه الأمل أن تعود قطر إلى صوابها وأن ترفع من شأن المصلحة العربة العليا وليس مصالحها الضيقة التى لا تساعد أحدا إلا أعداء الدول العربية، فهى دوماً تلعب بالنار، تحتضن الجماعات الإرهابية وتمولهم وتدعمهم سياسياً وأعلامياً ومادياً، وفى نفس الوقت لا ترى فى ذلك مشكلة، ولا تريد لأحد أن يعترض على ما تقوم به.
هذه هى اللعبة القطرية السخيفة التى لا تساعد أبداً على تحقيق الوئام العربى، تلعب على وتر الفتنة بين العرب، وتحاول بث السموم ظناً منها أنها تحقق ما تريده، دون أن تدرى بأنها تحرق الجميع بما فيها قطر نفسها، فهى تلعب على زعزعة دول الخليج من خلال إثارة النعرات الطائفية دون أن تعى بأن النار ستطولها يوماً ما. هذه هى قطر التى لا تدرك قيمة ما تفعله من أخطاء كارثية بحقها وبحق كل العرب، وتحاول إقناع نفسها بأنها أكبر من الجميع رغم يقين حكامها بأنهم أقل من ذلك بكثير.