دقات الساعة تقترب من الثالثة عصرا، بينما أكتب تلك الكلمات، وحتى الآن لم يخرج البرلمان المصرى ببيان يعلن فيه تشكيل وفد لزيارة البرلمان الأوروبى لتصحيح صورة مصر فى الخارج، بل لم يخرج أحد من قيادات البرلمان بتصريح يعلن فيه ذلك، اللهم إلا سليمان وهدان وكيل مجلس النواب الذى قال إن المجلس يدرس.
لا أعرف إلى متى سيظل المجلس يدرس؟ 4 أيام مرت على البيان ولايزال المجلس يدرس، تطورات يومية لبيان الاتحاد الأوروبى ولا يزال البرلمان يدرس، مع العلم أن عددا كبيرا من الصحفيين والإعلاميين طالبوا بضرورة تشكيل وفد برلمانى فى أسرع وقت، ولكن البرلمان لا يزال يدرس، ومع العلم أيضا أن النائب علاء والى أجرى مداخلة هاتفية مع الإعلامى عمرو أديب أكد له فيها أنه سيسافر مع محمد زكى السويدى وأحمد سعيد للبرلمان الأوروبى، ولكن لا يزال المجلس يدرس ولم يصدر قرارا رسميا بذلك.
دراسة البرلمان لتشكيل وفد يزور البرلمان الأوروبى يدفعنا للقلق على البرلمان من نفسه، من تفاعله مع الأحداث المحلية والعربية، ليس لدى مانع أن يكون البرلمان بطىء فى أعماله الداخلية، «هو حر»، ولكن لا يجب أبدا أن تكون نفس سياسة البطء فى تعاملاته الخارجية، لأنه لا أفهم من أين يحرص الدكتور على عبدالعال، رئيس البرلمان على الوجود فى المحافل الدولية لإعادة مصر برلمانيا وهو على أعتاب زيارة مرتقبة لزامبيا للمشاركة فى جلسات البرلمان الدولى، بينما أحد أهم البرلمانات العالمية تقف ضد مصر بشكل واضح.
المشهد بمعطياته يشير إلى خلل واضح فى التعامل الدولى، يشير إلى اضطراب فى فلسفة علاقات البرلمان الخارجية، كيف يبنيها؟ وكيف يحافظ عليها ويجعلها مرنة؟ تتسم بالاتزان والموضوعية والحيادية، الأمر يحتاج مزيدا من العمل اليومى، لأنه بكل وضوح البرلمان ليس دوره الرقابة على أعمال الحكومة وإصدار التشريعات القانونية، إنما هو أحد أجنحة الدولة، يدافع عنها ويحافظ على هيبتها ويزيد من وقتها، وتحركاته هى انعكاس لتوجه الدولة، وسرعته فى الاستجابه، هى دلالة على آلية استقبال الدولة للإشارات الخارجية ونسبة التعامل معها.
ولكى تكون الحقائق واضحة، توطيد علاقتنا مع البرلمان الأوروبى أمر حتمى، وليس اختياريا، لأن مدى العلاقات الاقتصادية مع الدول الأوروبية فى حال التأثر السلبى لا قدر الله ستكون النتائج صادمة، ولك أن تعلم أن الاتحاد الأوروبى قدم لمصر مساعدات ومنح فى السنوات الأخيرة بقيمة 482 مليون دولار، وإسبانيا قدمت مساعدات بقيمة 251 مليون دولار وألمانيا قدمت مساعدات بقيمة 105 ملايين دولار، وفرنسا قدمت مساعدات بقيمة 999 مليون دولار وإيطاليا قدمت مساعدات بقيمة 50 مليون دولار والنمسا 12 مليون دولار.
بالتأكيد ستسألنى ما هو مصدر الأرقام التى ذكرتها فى المقال؟ سأجيبك بأن المصدر هو الموقع الرسمى لوزارة التعاون الدولى، وبالتالى أنت أمام سيناريو إلزامى عنوانه ضرورة إعادة العلاقة مع البرلمان الأوروبى وتحسين الصورة الخارجية لمصر، مع التأكيد على نزاهة وشفافية التحقيقات التى تجرى يوميا فى قضية مقتل الطالب الإيطالى.
أى حديث غير ذلك، يضعنا فى حرج مع أنفسنا، لأنه لو لم تعد العلاقة الطيبة مع البرلمان الأوروبى، ستتأثر العلاقات الاقتصادية، ستقل أرقام المنح والمساعدات، ووقتها سنقول «يا ريت اللى جرى ما كان».
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة