هل هم الذين بقوا فى الداخل.. أم الهاربون للخارج؟
من يحسم مصير الرئيس السورى بشار الأسد؟ هل سيحسمه الشعب السورى، أم توافق الأطراف الدولية اللاعبة فى الساحة السورية؟
قبل الذهاب إلى الجولة الثالثة من مفاوضات جنيف، انطلقت التصريحات الساخنة بين أطراف الداخل السورى، حيث أكدت المعارضة رفضها بقاء «بشار» فى الحكم خلال المرحلة الانتقالية، وطالبت برحيله «حيا أو ميتا»، على أن تكون هذه بداية المرحلة الانتقالية فى البلاد، فيما رد وزير الخارجية السورى وليد المعلم على هذا الكلام بعنف قائلا: إن الرئيس بشار الأسد «خط أحمر»، ولن نقبل بأى محاولة لوضع هذا الأمر على جدول الأعمال خلال مفاوضات جنيف، وقال: إن الأزمة السورية فى الطريق إلى نهايتها، وأن من يضع هذه النهاية هو الجيش العربى السورى والمصالحات.
يتحدث الطرفان بما لديهما من أوراق، وهذا أمر من بديهيات التفاوض بين الأطراف المتصارعة فى كل أزمة، وفى الأسابيع الأخيرة نحن أمام أوضاع مغايرة عما قبل بالنسبة للجيش السورى، حيث ألحق هزائم متوالية بـ«داعش» و«النصرة»، واستعاد مناطق كثيرة كانت تحت سيطرة قوى الإرهاب بتنويعاتها المختلفة، وفور بدء عملية إطلاق النار أطلقت الحكومة نداء المصالحة، وبناء على ذلك فإن الحكومة السورية تجلس على مائدة مفاوضات «جنيف»، ولديها أوراق تزيد عما كان بحوزتها من قبل، ومن هنا فإنه يجب التوقف طويلا أمام كلمة «المعلم» بأن الأزمة السورية فى نهايتها، وأن الجيش السورى هو من يصنع ذلك.
فى المقابل تتحدث «المعارضة» عن رفضها بقاء «بشار» فى المرحلة الانتقالية، ويمكن تصور ذلك على أنه من قبيل رفع سقف المطالب لغرض الوصول إلى صيغة وسط تحقق غرور كل الأطراف، غير أن اللافت فى ذلك هو من هى المعارضة التى تشترط ذلك؟ وماذا عن وزنها على الأرض؟
هل هى المعارضة التى تخضع لهيمنة خليجية؟ وهل هى المعارضة التى تمثل الداخل السورى، أى الذين لم يخرجوا من سوريا وبقوا فيها وقدموا طرحا ديمقراطيا دون التورط فى حمل السلاح الذى حمله آخرون وقتلوا به الآلاف من أبناء الشعب السورى؟ وهل هى المعارضة التى تتلقى الأوامر من الخارج وتتبنى مطالبة ولو على حساب مصلحة الشعب السورى، ولنا فى العراق أسوة، فعلى الدبابات الأمريكية دخلت أطياف المعارضة العراقية التى عاشت فى الخارج تنعم بترف الأموال وتخضع لأوامر المخابرات الأمريكية، وها نحن نرى النتيجة الآن؟
مجمل هذه الأسئلة تقود إلى التخوف مما هو أكبر وأعمق فى هذه الأزمة وهو مصير سوريا كبلد موحد، فبينما تتسرب أفكار من روسيا حول «سوريا الفيدرالية»، ويلمح وزير الخارجية الأمريكى «كيرى» إلى التقسيم، لا نعرف الموقف الحاسم من المعارضة التى ترعاها أطرافا خارجية من هذه القضايا، ففى الوقت الذى أعلنت الحكومة السورية على لسان «وليد المعلم» رفضها القاطع لمثل هذه التصورات «التقسيمية»، لا تتوفر الدلائل التى تؤكد أن أطياف المعارضة المرعية بالخارج ترفض مثل هذه التصورات، وهو ما يقود تلقائيا إلى أن تصور سوريا المقسمة إذا اتفقت عليه الأطراف الدولية المؤثرة سيتم تنفيذه بهذه النوعية من المعارضة، ومن هنا يمكن وضع تصميم هذه المعارضة على رحيل «الأسد» كمدخل لسيناريو «التقسيم» أو «الفيدرالية»، وقد نرى من يدفع لتنشيط جماعات الإرهاب من جديد كنوع من الضغط لأجل تنفيذ سيناريو «رحيل الأسد» كمدخل لـ«سيناريو التقسيم»، غير أن الكلمة النهائية بيد الشعب السورى.