لماذا يحب وزير الخارجية الصمت؟.. لم نعرف حتى الآن ما مصير السفراء الذين عادوا من الخارج بعد اتهامهم بالأخونة أو التعاطف مع الإخوان، هل أجرت وزارة الخارجية تحقيقاً معهم وقررت فصلهم أم عادوا لممارسة عملهم، أم بقوا فى منازلهم دون عمل؟ لم تعلن الوزارة حتى الآن موقفها النهائى من مسألة ترشيح شخصية مصرية لمنصب مدير عام منظمة اليونسكو، رغم أن الوزارة سخرت كل طاقاتها الشهور الماضية للترويج للسفيرة مشيرة خطاب لكن دون قرار رسمى أو معلن، حتى بعدما أعلنت قطر اسم مرشحها لليونسكو بقيت الخارجية المصرية صامتة.. لم يرد وزير الخارجية سامح شكرى على الانتقادات التى وجهت له بعدما حول منصب مندوب مصر فى اليونسكو بباريس من وزارة التعليم العالى إلى الخارجية، مما أغضب مسؤولى التعليم العالى ودفعهم للشكوى لكن ما من مجيب.
هذه عينة من قضايا مثارة حول وزارة الخارجية ووزيرها الدبلوماسى النشيط سامح شكرى.. نعم أقول دبلوماسى نشيط لأنه حتى وإن ظهر متجاهلاً للإعلام وما يكتبه عن الخارجية، فهذا لا يمنع من الاعتراف ببصمات هذا الرجل على الوزارة منذ أن تسلمها قبل عام ونصف العام تقريباً، فهو دائم العمل فى الداخل والخارج لفتح أبواب جديدة أمام الدبلوماسية المصرية، حتى تتعدد خياراتنا الخارجية، وكان من نتاج ذلك فوز مصر بعضوية مجلس الأمن لعامين، وفوزها بعضوية مجلس السلم والأمن الأفريقى لثلاثة أعوام، بعدما كانت عضوية مصر فى الاتحاد الأفريقى مجمدة بعد ثورة 30 يونيو.
الحق يقال، إن سامح شكرى وزير نشيط فعلاً، لكنه علاقته بالإعلام تكاد تكون مقطوعة، ربما لأن الرجل لا يجيد فن التواصل مع الإعلام، إلا من خلال لقاءات محددة الأسئلة والموضوعات المطروحة سلفاً، لكن هذا لا يمنع من انتقاد الرجل لأن تجاهله للإعلام وصل إلى درجة لا يمكن تحملها، فهو يعتبر أن الصمت هو أفضل وسيلة للرد على ما يكتب، دون إدراك أن هذا التجاهل سيولد حالة من الجفاء الطويل ربما يكون مضراً أكثر مما يتوقعه هو شخصياً.
الصمت مفيد فى أوقات، لكنه ضار إذا أصبح أسلوب حياة وهو ما أخشاه مع الوزير سامح شكرى الذى ربما اهتم أكثر بزياراته الخارجية سواء ضمن جولات الرئيس عبد الفتاح السيسى أو بمفرده، لأنها ربما تكون أبعدته عن إدارة دولاب العمل داخل الوزارة بالشكل الكافى، لدرجة أن اجتماعاته مع مساعديه ربما تكون نادرة لتغيبه عن الوزارة غالبية الأيام، فكيف سيجد وقتاً ليقرأ المكتوب عن الوزارة أو الرد عليه، إن كان لديه الرغبة فى التعامل مع الإعلام بطريقة إيجابية؟!
هل يكفى المتحدث الرسمى للتواصل مع الإعلام؟.. حديثى عن الوزير سامح شكرى وبعده عن الإعلام لا يعنى الانتقاص من شخص المتحدث باسم الوزارة المستشار أحمد أبو زيد، لأن وجوده لا يلغى الوزير بل يضيف إليه، وربما يحاول أبو زيد أن يصنع علاقة جيدة وقناة اتصال مستمرة مع الإعلام، لكن هذا الجهد لن يكتمل إلا إذا كان لدى الوزير الإيمان الكامل بهذه المهمة، وأن يتخلى عن حذره أو لنقل خوفه من التعامل مع الإعلام والرد بالمعلومات على كل ما يثار ويقال، خاصة أن المطروح من أسئلة لا يرتبط بأسرار أمن قومى، بل هى مواقف تحتاج لتوضيحات لأنه لا يعقل أن تظل طى الكتمان دون إبداء أسباب واضحة.
نحن فى عالم مفتوح، ومن السهل الوصول إلى ما نحتاجه من معلومات، وإذا لم يخرج المسؤول ليوضح حقائق ما يجرى فإن الشائعات ستجد لنفسها طريقاً سهلاً تستطيع من خلاله أن تنتشر، لأنه لا يوجد من يمنعها، فما دام المسؤول اختار الصمت فليس أمامنا إلا تصديق الشائعات حتى وإن لم تمس للحقيقة بصلة.
أدرك أن الوزير سامح شكرى نشأ وسط بيئة دبلوماسية تخشى الإعلام وتعتبره عدوا يجب الاحتياط منه، لكن الظروف تغيرت، والإعلام لم يعد ذلك العدو، وحتى إن وضعناه فى خانة الأعداء فمواجهته لن تكون بالتجاهل وإنما بالحقائق التى تلجم كل الأفواه وتضع حداً لكل الشائعات.
قد يغضب الوزير مما سبق إن وجد لديه وقتا ليقرأه، لكنها الحقيقة التى رأيت أن أقولها حتى وإن أغضبت الوزير، لأننى أقدره على المستوى الشخصى ولا أريده أن يكمل فى هذا الطريق الذى اختار الصمت عنواناً له.