هل نحن بحاجة فعلا إلى عودة وزارة الإعلام مع التغيير الوزارى الجديد وإعادة تسمية الحكومة؟
الإجابة عن السؤال السابق تحتاج أن نعرف حدود وصلاحيات وزير الإعلام فى مصر، فى عصر السماوات المفتوحة، وهرتلة الفضائيات والقنوات الموجهة، والتليفزيونات المفروشة للإيجار، وغياب ميثاق الشرف الإعلامى والمهنى والأخلاقى، وهرتلة الدخلاء على المهنة، ودخول رأس المال الغريب للاستقواء بمنصات الإعلام فى زمن الكلمة الممسوخة والحروب الجديدة.
هل يمكن أن يتصدى وزير الإعلام لوضع ضوابط وأطر لوسائط الإعلام الجديد مثلا، إذا أخذنا فى الاعتبار أن مواقع التواصل الاجتماعى وفضاء الإنترنت عموما أصبح جزءا لا يتجزأ من وسائل الإعلام الحديثة، ويخضع للقانون فيما يتعلق بالجرائم الفردية والمنظمة؟
من ناحية ثانية، لماذا كان إلغاء مسمى وزير الإعلام إذن، إذا كنا ننوى أن نستبدل به «قائم بأعمال الوزير» بسلطات أقل وصلاحيات أقل، ولكن بنفس الرؤية العقيمة المنشغلة بالخراب الإدارى لماسبيرو، حسب نظرية تمشية الحال، واسترضاء العاملين خوفا من المظاهرات، ودون تحرك حقيقى لإنقاذ الإعلام المصرى المتخبط فى فوضى الإنفاق الرهيب والمردود الفاشل، بينما القنوات العربية والأجنبية تحتل فضاءنا الإعلامى، وتعيد تشكيل العقول والوجدان والروح المصرية على هواها ووفق مقاييسها؟!
المشكلة من وجهة نظرى تتعلق بغياب رؤيتنا لمقاومة الانحطاط الإعلامى الذى نعانى منه، ومواجهة الاحتلال الإعلامى الخارجى الذى نرزح تحته ونحن سعداء ونعيش وكأن شيئا لا يحدث.
المهنة امتلأت بالدخلاء والضعفاء والمنتسبين بدون وجه حق، وسوق الإعلام باختصار لم يعد يتحكم فيه صناع الإعلام بقدر ما يتحكم فيه التجار راغبى المكسب السريع، وهؤلاء وراء صناعة مناخ الإثارة والشوشرة والضجيج دون رسالة، والفرقعات الفارغة والبرامج الصفراء، وكل ما هو سيئ ومدمر فى وسائل الإعلام، التجار والدخلاء على المهنة يهمهم أمرا واحدا، كيف يصنعون أموالا سهلة مما يسمونه بالبرامج المثيرة الساخنة، ولا أدرى تحت أى تعريف يمكن تفسير البرامج المثيرة الساخنة إلا تغذية أمراض الفقر والتخلف والجهل فى مجتمعنا، الذى يعانى من نسبة أمية كبيرة ومن تشوش واحتقان كبيرين، بفعل الأحداث السياسية الأخيرة من تراجع اقتصادى مستمر منذ سنوات.
ولذلك ليس غريبا أن ترى برامج ومحطات تليفزيونية تقوم على نشر الدجل والشعوذة وتفسير الأحلام، جنبا إلى جنب مع بعض النفاق السياسى الرخيص والتمسح بمؤسسة الرئاسة وشخص الرئيس نفسه، لإثبات أن تلك الفضائية وطنية وثورية إلخ، ولا تستغرب عندما تجد بعض الفضائيات تعيش على برامج تتبنى المعارضة بأثر رجعى أو الحرب بالأسلحة القديمة، باستخدام لغة وآليات المعارضة فى عهد حسنى مبارك، فلا الزمن هو الزمن ولا النظام يمكن مقارنته بنظام مبارك، ولا الطموحات والأحلام متشابهة.
نحتاج لشخصية قوية لها رؤيتها وفكرها على رأس الجهاز الإعلامى الوطنى، لتواجه ثلاث معارك كبرى، أولها صناعة قناة أو باقة قنوات مصرية قادرة على المنافسة والاكتساح، وتنجح فى اكتساب الرأى العام المصرى والعربى والعالمى، والمعركة الثانية هى مواجهة وتحجيم الإعلام الأجنبى فى مصر، فليس من المعقول أبدا أن تكون مصر الكبرى محتلة من قبل القنوات العربية والأجنبية، ونحن فى هذه الغفلة والتجاهل لتأثير هذا الاحتلال على المدى القريب.
والمعركة الثالثة، هى معركة موظفى ماسبيرو، نحن فى حاجة لخبراء موارد بشرية لإعادة هيكلة اتحاد الإذاعة والتليفزيون الملىء بالخبرات، وانتخاب مجموعة الكوادر وأصحاب الخبرات النوعية لتحقيق النهضة الإعلامية المقبلة، وتوزيع بقية العاملين على الوزارات والمصالح الحكومية على مستوى الجمهورية، دون ذلك سيظل الإعلام المصرى على تراجعه وفشله.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة