ما أن فتحت السلطات القضائية المصرية التحقيق فى القضية 173 تمويل أجنبى، المعروفة بقضية منظمات المجتمع المدنى، حتى توالت الاتهامات والتهديدات فى وسائل الإعلام الأمريكية ضد الحكومة المصرية والرئيس السيسى، تحت شعار حماية حقوق الإنسان والدفاع عن الحريات، بدأت الموجة بافتتاحية واشنطن بوست، الصحيفة وثيقة الصلة بدوائر الاستخبارات وصنع القرار فى الإدارة الأمريكية، حيث شنت الصحيفة فى افتتاحيتها هجوما تحريضيا ضد مصر وحكومتها، ووصفتها بأنها لا تراعى حقوق الإنسان، ودعت الإدارة الأمريكية إلى مراجعة سجل دعمها ومساعداتها لمصر، كما لم تتورع الصحيفة عن الهجوم على السيسى، زاعمة أنه لن يستطيع تحقيق الاستقرار فى مصر، كما دعت إدارة أوباما إلى عدم منح الرئيس السيسى تصريحا على بياض بالدعم السياسى والاقتصادى والعسكرى
وفى نفس التوقيت، تم الإيعاز إلى مكتب منظمة العفو الدولية فى إيطاليا، ليصدر بيانا خائبا بلا ملامح وكأنه مملى على مسؤول المنظمة، هاجم فيه حوار الرئيس السيسى للصحف الإيطالية الذى أكد فيه قوة العلاقات المصرية الإيطالية، وأن مقتل طالب الدكتوراه الإيطالى جوليو ريجينى فى مصر، جاء فى توقيت غريب، ولن يؤثر على قوة العلاقات بين البلدين، وبالمثل دعا السلطات الإيطالية إلى الاهتمام بنفس القدر بجريمة اختفاء المواطن المصرى فى إيطاليا. هذا الكلام لم يعجب مسؤول مكتب المنظمة بإيطاليا، وأعرب عن عدم ارتياحه للتصريحات، مشيرا إلى أن سبب التصريحات هو الضغوط الإيطالية والدولية على مصر، وليس سعيها لبذل جهد حقيقى فى مجال حقوق الإنسان.
ولم تمر ساعات قليلة إلا وخرج جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى ببيان رسمى، يعرب فيه عن قلقه العميق جراء إعادة فتح السلطات القضائية المصرية ملف منظمات المجتمع المدنى، التى تتلقى تمويلا من الخارج، ثم أشهر كيرى الكليشيه الرسمى للاستعمار الجديد فى الألفية الثالثة، وهو القلق من حالة حقوق الإنسان فى مصر، داعيا السلطات المصرية إلى التعاون والعمل الجاد مع منظمات المجتمع المدنى.
باختصار، الأمريكان قلقون جدا على رجالهم فى مصر من أن تطالهم يد القانون، فهم يعتمدون على رجال ونساء هذه المنظمات، باعتبارهم عيونا للإدارة الأمريكية بمصر، يجمعون المعلومات والإحصاءات، ويصدرون التقارير الموجهة على المقاس بالضبط حول قضايا التعذيب والاختفاء القسرى واعتقال النشطاء والقوانين المقيدة للحريات مثل قانون التظاهر، وهى التقارير التى يمكن أن تستند إليها الإدارة الأمريكية والبرلمان الأوروبى عن التلويح بسيف العقوبات أو وقف المساعدات، على أساس أنها تقارير صادرة من داخل مصر وعن منظمات مصرية.
لا يناقش وزير الخارجية الأمريكى ما إذا كان وضع هذه المنظمات قانونيا أم لا، وما إذا كانت تخالف القانون المصرى فعلا وترتكب جرائم منصوص عليها، من تلقى أموال من جهات خارجية دون تصريح إلى التحايل والتهرب الضريبى، ليس هذا ما يهمه أو يعمل له أى حساب، وليس هذا ما يمكن أن يقبل به فى بلاده، المهم أن تقوم هذه المنظمات بدورها لخدمة السياسة الأمريكية فى احتواء الإدارة المصرية والضغط عليها عند اللزوم، وكيرى باعتباره الكفيل والحامى لهذه المنظمات التى تعمل لحسابه، لا بد طبعا أن يقلق، وأن يعبر عن هذا القلق فى بيان رسمى عن الخارجية الأمريكية !
على السيد وزير خارجية أوباما أن "يلم تعابينه" أولا، وأن يتوقف عن زرع المتفجرات فى طريق القافلة المصرية، ومن هذه المتفجرات قضية الإيطالى جوليو ريجينى، فلو أراد حقا التهدئة مع الحكومة المصرية يتوقف عن التصعيد فى القضية، لأنه أول من يعرف قتلة ريجينى الحقيقيين، مثلما يعرف أن أجهزة الأمن المصرية بريئة من هذه العملية، وكما يقول مطربنا الشعبى عدوية: «بتقول لى سيب .. طب سيب وأنا سيب».
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
BIBO
دولارات ... الارهاب
عدد الردود 0
بواسطة:
Kamilea
العيب ليس فى كيرى