ضبابية الرؤية أضاعت كفاءات وزارية
لماذا لا نجد فى حكوماتنا وزيرا نجما؟ لماذا يعتذر الكثيرون عن قبول المنصب الوزارى؟ لماذا اختفى «عبده مشتاق» الذى يجلس بجوار التليفون ينتظر اتصالا به كى يكون وزيرا؟ لماذا لا يتذكر الناس اسم الوزير السابق ولا يعرفون اسم الوزير الحالى؟
تحضر هذه الأسئلة مع تشكيل كل حكومة جديدة منذ ثورة 25 يناير، أو إجراء تعديل وزارى، كالحاصل حاليا مع حكومة المهندس شريف إسماعيل.
منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن جرى تشكيل حكومات جديدة، بدأت برئاسة عصام شرف، ثم كمال الجنزورى، وبعده هشام قنديل فى حكم محمد مرسى، ثم الدكتور حازم الببلاوى بعد 30 يونيو، وبعده المهندس إبراهيم محلب، وفى كل هذه التشكيلات خرج وزراء بعد شهور قليلة، واستمر آخرون لفترة، وفى الحالتين لا يتذكر أحد الذين خرجوا والذين بقوا.
طوال خمس سنوات مضت لم يسكن عقل الناس وقلوبهم وزيرا يتذكرونه بوصفه صاحب إنجاز لا يمكن إنكاره، ولم نجد وزيرا تجرى الكاميرات وراءه ليس لإنجازاته وفقط، ولكن لأن لديه فن مخاطبة الجمهور، مثلما كان عمر موسى وقت أن كان وزيرا للخارجية فى ظل نظام مبارك، وهى الحالة التى أدت إلى ترشيحه من البعض رئيسا للجمهورية فى وجود مبارك، ووضعته فى مقدمة المرشحين للرئاسة بعد ثورة 25 يناير.
فى زمن مبارك، اشتهر وزراء شعبيا لأسباب مختلفة، هناك من اقترن اسمه بالإنجازات كالدكتور أحمد جويلى وزير التموين الذى أصبح فى فترة قصيرة اسما على مسمى ورشحه البعض لرئاسة الحكومة، وهناك من اشتهر بسبب طول اللسان، مثل اللواء ذكى بدر وزير الداخلية، وهناك من كان لديه كاريزما خاصة مثل عمرو موسى، وهناك من اشتهر بسبب دأبه فى الإنجاز مثل المهندس حسب الله الكفراوى وزير الإسكان، وهناك من كان محلا لهجوم المعارضة، مثل الدكتور محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية، وكذلك الدكتور يوسف بطرس غالى الذى انتقل من وزارة إلى أخرى، وكان آخرها وزيرا للمالية، وفى القائمة سنجد أسماء بوزن صفوت الشريف، وكمال الشاذلى، ويوسف والى، وكمال الجنزورى وزيرا ثم رئيسا للوزراء.
يمكنك أن تقول إن هؤلاء الوزراء خدموا فى ظل نظام مبارك بكل فساده واستبداده، وأن معرفة الناس بهم كان بسبب طول بقائهم فى مناصبهم، وبعضهم ظل فى منصبه لأكثر من عشرين عاما، لكن الأكيد أن هناك وزراء من بين هؤلاء لهم إنجازات طيبة فى حدود ما هو مسموح به لهم، وفى حدود السياسة المسوح بها، أى وزير أقرب إلى الحالة الفنية، بمعنى أنه يدير وزارته بكفاءة وفقا للسياسة العامة المتبعة من الدولة.
بعد ثورة 25 يناير ثم 30 يونيو لم نجد وزيرا يشق الطريق إلى قلوب الناس بسبب عظمة الإنجاز، ولم نجد وزيرا يشق طريقه نحو النجومية بمعناها الإيجابى، بالرغم من وجود أسماء فى كل تشكيل وزارى لا غبار عليها، بل إن بعضهم كان نجما فى صفوف المعارضة، كالدكتور حسام عيسى، وكمال أبوعيطة، والدكتور زياد بهاء الدين، صحيح أن رجلا مثل المهندس إبراهيم محلب استطاع أن يكسر هذه الحالة نسبيا بسبب حركته الدائبة أثناء شغله منصب وزير الإسكان، فأصبح رئيسا للحكومة، لكن حالته كانت فردية واستثناء.
يمكن وضع أكثر من سبب لهذه الحالة، كانشغال الإعلام بقضايا الشتم والسب أكثر من الانشغال بتسليط الضوء على الشخصيات البناءة، لكن فى اعتقادى أن الأصل فى كل ذلك يعود إلى ضبابية الرؤية السياسية العامة التى لا يستطيع معها الوزير الإبداع فى الإنجاز، فيصبح باهتا فى أدائه حتى لو كان نجما ونشيطا قبل شغله منصب الوزارة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة