دخلت مصر منذ ما يقرب من أسبوع فى أجواء حقيقية من الترقب والحذر والتفاؤل والتشاؤم فى آن، وذلك عقب تأكيد إجراء تعديل وزارى فى حكومة الدكتور شريف إسماعيل، وفى الحقيقة فإننى كلما سمعت عن إجراء تعديل وزارى محتمل تنتابنى حالة التساؤل حول فلسفة التعديل ومدى ملاءمته للواقع أو مدى مفارقته للمنطق، فللأسف قامت مصر فى السنوات القليلة الماضية بالعديد من التعديلات الوزارية وتناوب على مقاعد الوزارات عشرات الوزراء، حتى أن وزارة مثل وزارة الثقافة تناوب عليها حوالى 11 وزيرا، أى أن متوسط عمر كل وزير على مقعد الوزارة أقل من خمسة أشهر ونصف الشهر، وهو ما يفسر تلك الحالة من الجفاف والجمود الواقع فى هذه الوزارة الحيوية، فكيف ينتج الوزير، أى وزير، وهو على علم تام بأن مدة صلاحيته على مقاعد الوزارة أقل من مدة صلاحية السجق البلدى؟
هنا اضطراب لا ألوم أحد عليه، فأى بلد تمر بما مررنا به كانت ستتعرض إلى موجة من عدم الاستقرار شبيهة بما مررنا به، لكن فى الحقيقة فإننى لا أستطيع أن أتقبل أن تظل سياسة اختيار الوزراء على هذا النهج، فنحن للأسف أصبحنا نختار الوزراء على طريقة «حادى بادى» نحشر اسم هذا فى اللحظات الأخيرة ونستبعد هذا قبيل حلف اليمين بساعات، وشاية سياسية قد تطيح بأحد الأكفاء وتوصية معتبرة قد ترفع أحد التافهين، كما أننا للأسف أيضا نختار الوزراء بعقلية اختيار الموظفين، فلابد أن يمر الوزير بكل درجات السلم الوظيفى ويصاب بموبقاته حتى يتولى الوزارة، وهو ما يقتل أى احتمال بأن يقوم هذا الوزير بـ«ثورة» فى وزارته، وكيف يقوم الواحد بثورة على نظام هو فى الحقيقة جزء منه أو بالأصح هو أحد ركائزه؟
أقولها ثانية، نحن نختار وزراء ونطيح بآخرين، دون أن نعلم لماذا آتى الآتون ولماذا رحل الراحلون، وهو ما يؤكد أننا فى احتياج حقيقى لوضع ميثاق جديد للوزراء الجدد، بالشكل الذى يجعل الرأى العام على دراية حقيقية بحيثيات بقاء كل وزير فى منصبه أو قدوم أى وزير إلى نادى أصحاب المعالى، ولهذا أتمنى من كل وزير يؤدى اليمين الدستورية فى الحكومة الجديدة أن يقيم مؤتمرا صحفيا عقب اختياره أو حتى بعد شهر من اختياره، ليصارح الرأى العام بخطته للوزارة ويقدم حيثيات اختياره إلى الرأى العام، فيعلن عن «برنامجه» بعد أن يكون قد ألم بتفاصيل الملفات العالقة فى وزارته، ليبنى استراتيجية حقيقية محددة بإطار زمنى يستطيع الرأى العام متابعتها وتقييمها والوقوف على سلبياتها وإيجابياتها، حتى لا تتحول الوزارات إلى سواقى مشرعة على ترع جافة، فتدور وتدور وتدور دون أن يكون لدورانها هدف أو لعملها طائل، ثم نضطر بعد اختيار فلان الفلانى وزيرا أن نأتى بفلان الفلانى الآخر دون أن ندرى لماذا رحل الراحلون أولماذا أتى الآتون؟ وهكذا حتى آخر العمر.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة