لا يليق أن يطلب الروس وجوداً دائماً بالمطارات المصرية
نعم، شهدت العلاقات المصرية نقلة نوعية خلال العامين الماضيين، انتقلت بها من الجمود الكامل فى عصر مبارك حتى انتهاء عام حكم المعزول، إلى الدفء والتعاون فى المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية.
نعم، استبشرنا كثيرًا بعودة العلاقات وتطورها مع روسيا، وكنا نأمل فى انتقالها إلى مرحلة الازدهار والتكامل، فكثيرة هى الملفات والقضايا المشتركة التى يمكن أن تعزز التعاون بين الدولتين، من إقامة المنطقة الصناعية الروسية فى جبل عتاقة بمحور قناة السويس الجديدة، إلى إعادة إحياء المصانع السوفيتية، بالإضافة إلى فتح نافذة تجارية لروسيا فى الأسواق الأفريقية عبر مصر، وكذا مشروعات إنشاء صوامع لتخزين الأقماح، وتوقيع اتفاق التجارة الحرة بين مصر ودول الاتحاد الأورآسيوى الذى يضم روسيا الاتحادية وبيلاروسيا وكازاخستان، وسط ترحيب الجانب الروسى بزيادة الصادرات المصرية من الخضر والفاكهة والسجاد والسيراميك.
ونعلم أيضًا أن الخبراء الروس بدأوا التجهيزات الفنية لإنشاء أول محطة نووية سلمية لإنتاج الكهرباء فى منطقة الضبعة، وإطلاق القمر الصناعى المصرى الجديد لأغراض التنمية من قاعدة «باكى نور» بكازاخستان، وتوريد احتياجات هيئة الطاقة الذرية من الوقود لتشغيل المفاعلات البحثية، كما نعلم أن البلدين وقعا عدة عقود للتسليح خلال العامين الأخيرين لتوريد طائرات ومروحيات ومعدات لحاملتى طائرات الهليكوبتر «مستيرال»، وهى أمور معروفة للكافة، ولا نريد الخوض فى تفاصيلها، ومع ذلك لنا أن نتساءل عما حدث ويحدث للعلاقات المصرية الروسية من فتور وتراجع عما نتمناه، نتيجة لإجراءات أحادية من الجانب الروسى.
بعد حادث سقوط الطائرة الروسية فى سيناء، تفهمنا قرار الرئيس بوتين بوقف حركة الطيران الروسى إلى مصر، وكذا وقف رحلات الطيران المصرى إلى الاتحاد الروسى، وقلنا إن الأصدقاء الروس من حقهم تأمين مواطنيهم فى مصر وروسيا على السواء، كما تفهمنا جيدًا مسألة المشاركة فى التحقيقات حول سقوط الطائرة الروسية، وكذا وصول بعثات الأمن الروسية باستمرار إلى مصر للتعرف واختبار إجراءات الأمن فى المطارات المصرية عمومًا، والمقاصد السياحية التقليدية للسائحين الروس خصوصًا، واعتبرنا أى إجراءات يطلبها الأصدقاء الروس هى واجبة التنفيذ.
لكن أن يربط الأصدقاء الروس عودة حركة الطيران إلى مصر بوجود بعثات أمنية دائمة فى المطارات المصرية، فهذا الإجراء يخل بالسيادة المصرية، ويحدث أول شرخ فى العلاقات المصرية الروسية المتنامية التى نرجو لها كلنا الاستمرار والازدهار، وهو إجراء غير مفهوم إلا من زاوية رغبة الجانب الروسى فى مواجهة المصالح الأمريكية فى المنطقة من الأراضى المصرية.
ما يحدث يبدو وكأن الروس يستغلون حالة الحصار الغربى المفروض على مصر، وسعى الدول الغربية الكبرى لضرب الاقتصاد المصرى بوقف تدفق عائدات السياحة، ليربطوا تحقيق الانفراجة فى حركة الطيران بثمن سياسى ورمزى يحصلون عليه بالوجود الأمنى الدائم فى المطارات المصرية.
بالتأكيد الروس لن يقبلوا بوجود خبراء مصريين دائمين فى المطارات الروسية، كما لن يقبلوا بوجود خبراء إماراتيين دائمين فى مطار «روستوف» للتأكد من الإجراءات الأمنية بالمطار بعد حادث سقوط طائرة «فلاى دبى» الأخير، وبدلًا من محاولة الحصول على ثمن سياسى بأى شكل من مصر، على الأصدقاء الروس أن ينظروا بعيدًا إلى شراكة كاملة مع مصر، بما يعنيه ذلك من مكاسب مع الدوائر العربية والأفريقية المرتبطة بالقاهرة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة