الخبر الكبير خلال الساعات الماضية كان دخول الجيش النظامى السورى والمجموعات الشعبية مدينة تدمر الأثرية، وإحكام السيطرة على جميع أحيائها بعد قصف جوى للجيشين الروسى والسورى، ومعارك عنيفة على الأرض مع فلول تنظيم داعش الإرهابى، أسفرت عن مقتل عدد كبير من قيادات التنظيم وأعضائه، وفرار البقية الباقية منهم إلى المناطق الشرقية الشمالية باتجاه محافظة الرقة، المعقل الأخير للتنظيم.
سيطرة الجيش السورى على أحياء «المتقاعدين» و«العامرية» و«الجمعيات»، وعلى المدينة الأثرية بالكامل بعد سنة تقريبًا من سيطرة العصابات الإرهابية عليها، يمثل حدًا فاصلًا فى المعارك الدائرة على الأرض حاليًا، والتى اكتسب خلالها الجيش السورى النظامى قوة كبيرة بفضل الضربات الدقيقة والمكثفة للطيران الروسى التى استهدفت معسكرات التنظيم الإرهابى، ومراكز اتصالاته، ومخازن ذخيرته، وخطوط إمداداته.
لم يعد الجيش السورى يخوض معارك الشوارع وحروب العصابات عشوائيًا، أو بدون غطاء جوى محكم، ولم يعد ضحية المفاجآت والأكمنة التى ينصبها مقاتلو داعش ومجموعات المرتزقة، لذا تراجعت خسائر الجيش فى الأفراد والمعدات كثيرًا، وباتت تكتيكات الجيش أكثر تفوقًا وامتيازًا على أساليب المعارضة والمتطرفين، كما أصبح للجيش- بفضل الدعم الروسى- منهج فى المعارك على الأرض، يقوم على الضربات الجوية الدقيقة التى تستهدف قيادات المعارضة وأماكن تجمعهم، وحصار المدن والقرى المستهدفة حصارًا تامًا قبل اقتحامها وتمشيطها بمجموعات من كتائب المهندسين العسكريين، وكاسحات الألغام، ومجموعات المقاومة الشعبية والشرطة بالزى المدنى، والتى اكتسبت دربة كبيرة فى حروب الشوارع، الأمر الذى كفل للجيش السورى النصر فى جميع المعارك التى خاضها خلال الأشهر الستة الأخيرة، وتمكن من استعادة السيطرة على ما يزيد على أربعة آلاف قرية ومدينة فى ضواحى دمشق وحلب وحمص، وبات الطريق أمام تصفية جيوب ومعاقل داعش وغيره من الفصائل المتطرفة ممهدًا أمام الجيش السورى.
يومًا بعد يوم تزيد فرص الجيش السورى فى دحر التنظيمات المتطرفة على الأرض، حال استمرار هذا المنهج الحالى بالتنسيق مع قوات الجو الروسية، دون تدخل أمريكى تركى بأسلحة نوعية جديدة تكبد الجيش السورى خسائر كبيرة، أو ضخ مزيد من الأموال الخليجية لمجموعات المرتزقة المقاتلة، مما يمكنها من عرقلة تقدم القوات باتجاه الشرق والشمال، وصولًا إلى الحدود العراقية.
التقدم الكبير للجيش السورى فى ميدان القتال سينعكس بالضرورة على طاولة المفاوضات، ونتوقع أن ينجح بشار الأسد فى تجاوز عقبتين كبيرتين فى ميدان المعركة الدبلوماسية بجنيف، الأولى استبعاد خيار الأسد خارج المعادلة بالحرب أو بالمفاوضات، وهو الخيار الأمريكى الخليجى بامتياز، والذى أفشل المفاوضات الدائرة أكثر من مرة حتى الآن، أما العقبة الثانية فهى خيار الكونفدرالية الذى لوحت به بعض الفصائل المعارضة التابعة لواشنطن، خصوصًا الفصائل الكردية فى الشمال والغرب، وهو ما يعنى على الأرض تحقيق تقسيم سوريا بالمفاوضات بعد أن عجزت الفصائل عن تحقيق هذا الخيار بالقتال على الأرض.
إجمالًا، اللحظة المقبلة هى لحظة استعادة الوعى السورى بضرورة الحفاظ على البلاد موحدة وغير مقسمة تحت أى ذريعة، وكذا إمكانية التبريد فى ساحات القتال بعد حسم الجيش السورى المعركة الفاصلة مع داعش فى الرقة، وطرد فلول المرتزقة من الأراضى السورية، ثم فتح باب العودة أمام المقاتلين السوريين المخدوعين بالشعارات الباطلة أو بالأموال الخارجية، وكذا بدء عودة السوريين المهاجرين فى أوروبا وفق مشروع أوربى ودولى لإعادة الإعمار.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة