أحمد إبراهيم الشريف

أزمة مسرح

الأربعاء، 30 مارس 2016 08:19 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دائما ما يعتقد الناس أن هناك علاقة تربط بين ازدهار المسرح وتزايد الحالة الثقافية فى الشارع، وفى الحقيقة لا أعرف هل هذه العلاقة صحيحة أم لا، لأن الأمر يحتاج إلى دراسة تؤكد ذلك، لكن الواضح جدا أنه فى حال وجود حركة مسرحية جيدة، فإن ذلك يعكس بشكل مباشر وجود نوع من التراكم الثقافى لدى قطاع كبير من الشعب، وربما يرجع ذلك لأن المسرح يتطلب نوعا من التفاعل الأكثر جدية، فمشاهد المسرحية يقتطع من ماله ووقته ويذهب لمشاهدة مسرحية معينة، وهذا يؤكد إيمانه بقيمة هذا النوع من الفنون.
هذه المقدمة تأتى للحديث عن مستقبل المسرح فى مصر الذى يبدو أنه ليس فى حالة جيدة، فبعد افتتاح المسرح القومى وعرض مسرحية «ليلة من ألف ليلة» ونجاحها بمشاركة نجم فى حجم يحيى الفخرانى، لم نجد شيئا جديدا لافتا بعد ذلك، فقد كانت فورة البداية وسرعان ما انطفأت وعدنا مرة أخرى نسمع مصادفة عن عرض جيد فنذهب لمشاهدته بناء على ترشيح الأصدقاء.

هذا لا يعنى عدم وجود عروض جيدة، على العكس يوجد كثير من المبدعين خاصة الشباب ما زالوا يؤمنون بدور المسرح ولا يتوانون عن المشاركة الجادة طوال الوقت ويقدمون أعمالا تستحق المشاهدة، لكن المثير فى الأمر هو أن الدعاية المتعلقة بفن المسرح قليلة جدا بل منعدمة أحيانا ولا تليق بتاريخ هذا الفن، فتقريبا لا نجد إعلانات تعبر عن مسرح الدولة، حتى إننا بالمصادفة نكتشف أسماء المسرحيات فى بوسترات أمام القاعات التى تعرضها، كذلك الجانب النقدى للمسرح قليل جدا، ولا توجد سوى مطبوعات قليلة هى التى تهتم بنقد المسرح وتنشر نصوصه، وعادة ما تكون كتابتها ملغزة وصعبة، والأمر فى حاجة لنقاد شباب ينتبهون لهذه النقطة ويركزون عليها.

وبالطبع عدم اهتمامنا بأبو الفنون كانت نتيجته كارثية، فقد سمح تراخينا عن تطوير هذا الفن أن انتشرت العروض التليفزيونية الهزيلة التى تقوم على مساوئ فنية كثيرة ولا تقدم خطوة واحدة للأمام، وذلك لكون مفهومها عن المسرح يأتى من قلب المسرح التجارى الذى يقوم على «الإيفيه» والسخرية من الذات والآخرين، ولا يقصد أبدا إلى تقديم وجبة فنية كاملة.

وغياب المسرح يعنى بالضرورة غياب أخلاق مشاهدة المسرح، فالمعروف أن للخشبة المسرحية أخلاقها واحترامها، ومنها الصمت فى وقتهو، وتحية المبدعين فى وقتها، والالتزام بالجو العام، وغياب هذا الفن بالضرورة سيعنى غياب هذه الأخلاق، ونصبح فى مواجهة فن المقاولات مرة أخرى، وفى النهاية سيأتى مؤرخون للثقافة، بعد عقود، فلا يجدون شيئا يكتبونه عن هذه الفترة إلا جملة «غاب المسرح المصرى».





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة