أخيرا صدر القرار الجمهورى الذى طال انتظاره بإعفاء هشام جنينة من منصبه كرئيس للجهاز المركزى للمحاسبات، استنادا إلى ما توصلت إليه تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا خلال التحقيق معه، وكذا إلى ما أوردته لجنة تقصى الحقائق الرئاسية حول تصريح الـ600 مليار جنيه تكلفة الفساد فى مصر خلال العام الماضى.
ورغم أننا كنا نطالب بسرعة التحقيق مع جنينة فيما نسب إليه من تصريحات مدمرة لسمعة مصر خارجيا ومؤثرة على الاقتصاد، ورغم انتقاداتنا للبرلمان لتأخره فى تشكيل لجنة فاعلة لبحث تقرير لجنة تقصى الحقائق ومواجهة جنينة بالاتهامات الموجهة إليه، إلا أن صدور القرار الجمهورى بعزل جنينة وفقا للقانون والسلطات الممنوحة للرئيس، أثار جماعة المزايدين وأنصار «خالف تُعرف»، الذين ضبطوا البوصلة على الفور فى اتجاه الكيد السياسى لمجرد الكيد بانتقاد قرار عزل جنينة والتساؤل عن توقيت العزل وأسبابه، بل انجرف البعض فى الدفاع عن جنينة وتسفيه كل الاتهامات الموثقة والموجهة إليه!
لا يمكنك أن تعرف بالضبط ماذا يريد هؤلاء المزايدون، الذين كان بعضهم بالأمس يطالب بمحاسبة جنينة على ما يواجهه من اتهامات، بل إن بعضهم كانوا يلومون الرئاسة والحكومة على السماح لرئيس الجهاز المركزى بأن يكون إمبراطورا لا يمكن أن يراجعه أحد، ولا ولاية لأحد عليه.
هل يعرف السادة المزايدون والمدافعون عن جنينة الآن أن التحقيقات مع رئيس الجهاز المركزى المعزول أكدت أن الاتهامات الموجهة إليه تتجاوز تصريحه المغلوط الشهير حول الـ600 مليار تكلفة الفساد فى مصر، وإنما تتضمن توجيه اتهامات خطيرة لم تكن معروفة عنه، وكشفتها مسارات التحقيق ولجنة تقصى الحقائق.
هل يعرف المزايدون ورافعو شعار «خالف تعرف» أن جنينة كان يستغل نفوذه والسلطات الممنوحة له لوضع يده على أصول وصور من مستندات شديدة الخطورة ونقلها من مكتبه بالمخالفة للقانون؟
هل يعرف المزايدون أن جنينة كان يجرى دراساته المسمومة والمشوهة بالتعاون مع مراكز بحثية أجنبية، مما يمكن هذه المراكز، ليس فقط من الحصول على صورة من الدراسات الأصلية للمركز بما تتضمنه من «داتا» معلوماتية، وإنما استخدامها وتوظيفها فى الأغراض التى تريد، ومنها بالطبع شن أكبر حملة لتشويه الدولة المصرية والطعن فى قدرتها على مكافحة الفساد، مما يعنى وقف وتعطيل كثير من المشروعات التنموية والمنح من الدول الصديقة، التى تشترط فاعلية الدولة فى مكافحة الفساد.
هل يعرف السادة المزايدون أن السيد جنينة سيدفع جميع أجهزة الدولة لمراجعة جميع الدراسات والتقارير التى أجريت طوال السنوات التى قضاها على رأس الجهاز المركزى، مع ما يمكن أن تتكبده فى سبيل ذلك من وقت وجهد ومال؟!
وهل يعرف السادة المدافعون عن جنينة الآن، أن الرجل تسبب فى شرخ عميق لأكبر جهاز رقابى فى مصر، بما فعل من مخالفات أثبتتها لجنة تقصى الحقائق الرئاسية وتحقيقات نيابة أمن الدولة العليا، وظلم بما فعله جهود العشرات من رجال جهاز المحاسبات الشرفاء الذين يبذلون جهودا كبيرة لمكافحة الفساد والحفاظ على المال العام.
أيها المزايدون ورافعوا شعار «خالف تعرف» فى هذه القضية تحديدا.. اختشوا على دمكم.