هل كان حديث وزير الخارجية كافياً؟. الأسبوع الماضى تساءلت: هل يحب وزير الخارجية الصمت؟، وطرحت مجموعة من الأسئلة التى لم يجب عليها الوزير سامح شكرى من قبل، وهو ما فسرته وقتها بأن عدم تصدى الوزير لهذه الأسئلة التى كانت متداولة على مدار الشهور الماضية هو نوع من التعالى على التعامل مع الإعلام وما يتناوله من قضايا حيوية، ربما يراها الوزير غير مهمة، لكن حينما حضرت حوار «اليوم السابع» مع الوزير السبت الماضى مع الأستاذ خالد صلاح والزميلة آمال رسلان تأكدت أن الأمر ربما مختلف بعض الشىء، فالوزير قليل الاهتمام بالإعلام المصرى، ويركز بشكل أساسى على الإعلام الغربى وتحديداً الأمريكى الذى يأخذ حيزا كبيرا من الوقت الذى يخصصه الوزير للقراءة ومتابعة ما يكتب فى الإعلام، وقد يكون هذا مفهوماً كونه وزيراً للخارجية، ومن مهامه متابعة ما يكتب ويقال فى الخارج سواء فى وسائل الإعلام أو مراكز الأبحاث الدولية.
الأمر الآخر أن الوزير سامح شكرى، كما سبق أن قلت أكثر من مرة، هو شخصية دبلوماسية على مستوى عالٍ، وقليلاً من تجده متورطاً فى تصريحات تجلب له المشاكل سواء فى الداخل أو الخارج، لذلك ربما حاول الفترة الماضية تجنب الحديث عن بعض القضايا الاشتباكية، مفضلاً الاستمرار فى طرح الصيغ الدبلوماسية علنياً، أما داخل الغرف المغلقة البعيدة عن الإعلام فإن آراءه دائماً صريحة وواضحة وتتفق مع المنهج المصرى.
فى حواره مع «اليوم السابع» تخلى الوزير شكرى عن دبلوماسيته المعهودة فى كل الحوارات الصحفية السابقة، تحديداً حينما تحدث عن القضايا التى تؤرق مصر خارجياً، ومنها مقتل الشاب الإيطالى ريجينى، وقضية تمويل منظمات المجتمع المدنى، فشكرى كما قال زميلى الإعلامى أحمد الطاهرى لأول مرة يتحدث بنفسه عن قضية الباحث الإيطالى وأول مرة يشتبك بنفسه مع هذه القضية، بالإضافة إلى استخدامه لمصطلح جديد فى التعامل مع قطر، حينما قال إن الأزمة مع قطر «وقتية»، بعدما دأب فى الماضى على استخدم كلمة «التطبيع» مع قطر، وهى الكلمة التى تستخدم فقط مع إسرائيل فى أدبيات الدبلوماسية المصرية.
وفى إطار تخليه عن دبلوماسيته المعهودة رد الوزير سامح شكرى للمرة الأولى على القضايا الشائكة التى سبق وطرحتها من قبل، منها موقفنا من الترشح لمنصب مدير عام منظمة اليونسكو بعدما أعلنت قطر عن مرشحها، وكذلك أين هم السفراء الذين أعادهم شكرى من الخارج فور توليه حقيبة الخارجية وثارت وقتها تكهنات حول انتماءات بعضهم السياسية وتحديدا القول بأن لديهم ميول إخوانية، فشكرى فى القضية الأولى أجاب نصف إجابة بتأكيده أن مصر سيكون لها مرشح ليقطع بذلك كل الطرق إمام محاولة قطر للانفراد بالترشيح عن المجموعة العربية.
وربما يكون ما قاله الوزير فى موضوع اليونسكو ليس بجديد لمن تابعوا القضية منذ عامين تقريبا، لكنها المرة الأولى التى تعلن مصر رسميا على لسان مسؤول بقدر وزير الخارجية اتجاهها لترشيح مصرى، وإن كان الوزير سامح شكرى لم يجب على الشق الثانى، وهو من سنرشحه، خاصة أن الأمر جدليا داخل الأوساط السياسية والدبلوماسية المصرية، فالخارجية تؤيد الدفع بالوزيرة السابقة مشيرة خطاب، بينما هناك من يطرح اسم الوزير السابق هانى هلال، وثالث يقول إن الأفضل هو محمد سامح عمرو مندوب مصر الحالى فى اليونسكو ورئيس المجلس التنفيذى للمنظمة الدولية لعامين.
أما فى القضية الثانية التى أجاب عنها الوزير والخاصة بمصير بعض السفراء ممن مازالوا خارج الخدمة منذ أن أعادتهم الحركة الدبلوماسية للقاهرة قبل عام ونصف العام تقريبا، دون أن يستكملوا مددهم القانونية فى الخارج، فشكرى فى إجابته أكد ما يقال بأن بعض هؤلاء الدبلوماسيين مازال موقفهم الوظيفى غامضا، حتى وإن برر الوزير ذلك بعدم وجود أماكن بالوزارة يمكن تسكينهم داخلها، فما قاله الوزير مبرر لا يقبله كثيرون، ويدعم الشائعة التى انتشرت وقتها بأن السبب فى استبعاد هؤلاء السفراء انتماءاتهم السياسية وقربهم، ربما فكرياً، لجماعة الإخوان المسلمين، مما زاد الأمر غموضاً، وتحديداً تجاه أسماء ثلاثة كانوا يمثلون مصر فى ثلاث بعثات مهمة وهم: السفراء وائل أبوالمجد سفيرنا السابق بكندا، ومعتز أحمدين مندوب مصر السابق لدى بعثة الأمم المتحدة بنيويورك، والدكتور وليد عبدالناصر مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة بجنيف.
وبعيداً عن الأمرين السابقين فإن شكرى أجاب أجابات أراها كافية وربما كشفت للمرة الأولى عما يدور فى صدر وزير خارجية مصر عن اشتباكات مصر وعلاقاتها الخارجية.