هل تنجح قطر فى «اليونسكو» وتبتعد مصر؟.. طلب الرئيس عبدالفتاح السيسى من الملوك والرؤساء العرب عقد جلسة استثنائية لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية يوم 10 مارس الجارى، لاختيار الأمين العام الجديد للجامعة، خلفًا للدكتور نبيل العربى، والأغلب أن هناك توافقًا عربيًا على المرشح المصرى، وزير الخارجية الأسبق، أحمد أبوالغيط، ظهر من الاتصالات التى أجراها سامح شكرى، وزير الخارجية الحالى، مع نظرائه العرب، وإن كانت مواقف بعض الدول غير معلنة حتى الآن، وأقصد هنا تحديدًا قطر التى سبق أن ناورت فى 2011 لرفض المرشح وقتها الدكتور مصطفى الفقى، وجاءوا بـ«العربى» بالتوافق مع القاهرة وقتها.
عدم صدور رد من قطر على المرشح المصرى حتى الآن قد يكون مفهومًا، لأنها ليست فى وضع يسمح لها بأن تشاكس كما فعلت فى 2011، لأنها افتقدت ما كانت تملكه من قوة تأثير على دول الربيع العربى، لكن هناك من يطرح رؤية أخرى سبق أن تحدثت عنها قبل عام تقريبًًا، وتتلخص فى إمكانية حدوث مساومة سياسية بين القاهرة والدوحة على منصبى الأمين العام لجامعة الدول العربية، ومدير عام منظمة اليونسكو، وزاد الحديث هذه الأيام بعدما أعلنت الدوحة رسميًا عن ترشيحها لوزير الثقافة السابق، مستشار الأمير الحالى للشؤون الثقافية، حمد الكوارى، لمنصب المدير العام لليونسكو خلفًا لإيرينا باكوفا، فيما بقيت مصر صامتة لم تعلن مرشحها لهذا المنصب، ربما لخلافات داخل الخارجية المصرية حول الشخص الأنسب للترشيح، ففى حين يدعم الوزير سامح شكرى السفيرة مشيرة خطاب، يعتبر آخرون داخل الوزارة وفى وزارة التعليم العالى أن الأنسب هو مندوب مصر الحالى فى اليونسكو الدكتور محمد سامح عمرو الذى سبق أن تولى رئاسة المجلس التنفيذى لليونسكو لعامين، ويملك علاقات وخبرات تمكنه من حسم المنصب حال طرح اسمه.
وبعيدًا عن اللغط الدائر حول هوية المرشح المصرى لليونسكو، إن كان هناك مرشح بالفعل، فالسؤال الآن: هل نحتاج فعلاً لهذه المقايضة، وهنا علينا أن نعود للمثل الأوروبى الدارج الذى يقول «لا تقارن البرتقالة بالتفاحة»، فالوضع العربى الآن لا يسر عدوًا ولا حبيبًا، لأن العرب ليسوا على قلب رجل واحد، فكيف نساوى بين الجامعة العربية واليونسكو، المقارنة هنا ظالمة.
وعلى أى أساس ستتم هذه المقايضة؟، هل على أساس أننا نبيع منصب اليونسكو للخليج؟، وهل الخليج موافق على الترشيح القطرى؟، ولماذا نلجأ لهذا المبدأ من الأساس؟، هل نريد أن نرسخ قاعدة فى العمل العربى بأن الترشيح على المناصب الإقليمية أو الدولية يكون فى إطار مساومات ومقايضات سياسية؟
المنطق يقول إنه لا يوجد أى مرشح منافس لمصر فى الجامعة العربية، فالمغرب تخلت عن رئاستها للقمة العربية هذا العام بسبب ما أسمته بالوضع العربى المهترئ، كما أن الجزائر كل همها أن يفوز وزير خارجيتها رمطان العمامرة بمفوضية الاتحاد الأفريقى التى سيجرى التصويت عليها فى يونيو المقبل، كما أن تونس لا تريد الدخول فى اللعبة الانتخابية فى الوقت الحالى، ودول الخليج لا ترغب فى التنافس مع مصر إلا قطر، وينطبق الأمر على لبنان وليبيا وسوريا والعراق والأردن، فكل دولة منها مشغولة بمشاكلها وأزماتها، بما يعنى أن هذه المرة هى الأكثر مناسبة لمصر لتمرير أى مرشح لها فى الجامعة العربية دون معاناة مع الأشقاء العرب، وهو ما وضح من خلال التأييد العربى لـ«أبوالغيط» حتى الآن، لذلك نحن نتحدث عن جامعة الدول العربية باعتبارها منظمة أصبحت فى حكم المضمون لمصر بسبب الأحداث التى تمر بها المنطقة.
هل تترك مصر معركة اليونسكو ؟.. يبدو أن هناك من اقتنع بالابتعاد عن معركة اليونسكو، وترك المقعد لقطر، ولهؤلاء أقول لهم: هل فكرتم فى الوضع بمنظور أكبر؟، هل تقبل مصر أن تكون ملفاتها الثقافية والعلمية تحت رحمة منظمة يديرها قطرى، بكل ما تحمله هذه الجنسية من معانٍ سلبية لنا فى مصر؟
هناك من يقول إن المرشح القطرى حصل على التأييد الخليجى، وهو ما سيؤثر على أى مرشح مصرى، وأستطيع أن أرد على هؤلاء بالقول إنه حتى الآن لم تعلن أى دولة خليجية التأييد الرسمى للمرشح القطرى، والذى أعلن هذا التأييد هو عبداللطيف الزيانى، الأمين العام لمجلس التعاون الخليجى، وهذا لا يعبر عن مواقف الدول نفسها، لأنه تأييد شخصى، ولا ننسى أن «الزيانى» له مواقف ليست إيجابية مع مصر، وفى الغالب هو شخص «هواه قطرى»، والدليل أزمته مع مصر فى أعقاب تصريحات مندوبنا السابق بالجامعة العربية السفير طارق عادل ضد قطر.
مصر أمامها فرصة جيدة هذه المرة للفوز باليونسكو، خاصة أن الدول الأفريقية أصبحت تثق فى مصر أكبر، وهو ما يظهر من التأييد المستمر للقاهرة، سواء فى عضوية مجلس الأمن، أو مجلس السلم والأمن الأفريقى، وبالنسبة لأصوات العرب فتوجد 7 أصوات فى المجلس التنفيذى لليونسكو من واقع 58 دولة، وهى لمصر والمغرب والسودان وقطر ولبنان وسلطنة عمان والجزائر، وبقراءة سريعة سنجد أن المغرب والجزائر ولبنان والسلطنة أقرب لمصر، أما السودان أقرب لقطر، بما يؤكد أن الأغلبية العربية لصالحنا، لكن إن أحسنا الاختيار، وأعلنا مرشحنا الآن وعدم الانتظار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة