العالم العربى منذ أحداث 11/9/2001 يواجه تحديات جسام لعل فى مقدمتها وصفه بالمنطقة التى ينبع منها الإرهاب، والتى ينطلق من ربوعها التطرف والتى يسودها الطغيان والفساد، والتى تعيش على مقربة من حالة الدول الفاشلة، ونحو ذلك من مواصفات أطلقها صحفيون وإعلاميون وأكاديميون من الغرب على دول أو بعض دول المنطقة.
وفى السياق السابق صدر مؤلف قيم للدكتور رضا شحاتة الدبلوماسى المصرى المخضرم وصاحب عدة مؤلفات فى العلاقات الدولية، مما جعله مؤهلا ليصبح أستاذا فى العلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية فى القاهرة.
الكتاب اتخذ المنهج العلمى فى بحثه عن أحوال عدد من الدول العربية التى مرت فيما أطلق عليه الربيع العربى، فتناول الأوضاع فى اليمن وليبيا وسوريا والعراق، كما تناول ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية.
وثمة ملاحظات موجزة حول هذا الكتاب المتميز كالآتى:
الأولى: الكتاب كما وصفه المؤلف صادم فى المعلومات التى تضمنها وصادم أيضا فى تحليله لأوضاع دول ذات نظم جمهورية، وتناول دولا كانت ملُ السمع والبصر فى التاريخ العربى المعاصر، وهى دول توافرت لدى معظمها نخب سياسية وثقافية مهمة، ولبعضها تاريخ عريق ولعبت أدوارا فى تطورات العالم العربى الحديث.
الثانية: المؤلف استخدم الأسلوب الوصفى والمنهج التاريخى فى تحليل أوضاع تلك الدول، كما اعتمد على المصادر والمراجع العلمية وجميعها مراجع أجنبية بلغت ثمانين مرجعا، تناولت الأوضاع الداخلية لتلك الدول وحللتا مختلف جوانبها، ليستخلص المؤلف حالتها الراهنة وارتباط ذلك بالأوضاع العامة فى العالم العربى ويتساءل هل أصبح العالم العربى هو أرض الدول الفاشلة؟
الثالثة: أن الكتاب قدم نماذج من المشرق والمغرب ومن جنوب الجزيرة العربية وكأنه يقول لنا إن كافة الدول العربية من أقصاها إلى أقصاها تعيش على هوة بركان يغلى ويوشك أن ينفجر وأنه لا توجد دولة بمأمن من الخطر المحدق الذى يدفعنا دفعا نحو حالة الفشل، فالكتاب يقدم إنذارا واضحا لجميع الدول العربية.
الرابعة: أن الكتاب الذى يضم 220 صفحة و12 صفحة من المراجع تناول أوضاع الدول التى تعرض لها من داخلها وفى ضوء الصراعات الدولية والإقليمية؛ وهو بهذا يتبع المنهج الإستراتيجى فى التحليل ومنهج تحليل النظم ويتطرق لعلاقات المنطقة العربية بدول الجوار العربى، ودور الأمم المتحدة فى المنطقة.
الخامسة: عندما حلل تنظيم الدولة الإسلامية عرضا للخلفيات التاريخية والإيديولوجية ولظروف نشأة التنظيم والإستراتيجية الأمريكية والدولية والعربية فى مواجهته، وتأثير التنظيم على أمن الولايات المتحدة والدول الأوربية والدول العربية والإسلامية.
السادسة: يخلص المؤلف للقول بأن الدول الأربع التى تناولها فى كتابه تعيش حالة تشبه كرة اللهب التى تتدحرج وتحيط بمصر وتهدد أمنها وسلامتها، كما تهدد فى نفس الوقت الأمن القومى العربى.
السابعة: يرى الدكتور رضا شحاتة أن الصراع فى الدول المذكورة مهما كانت نتائجه من انتصار مفترض لدولة إقليمية أو لقوى سياسية داخلية ترتبط بهذه الدول أو تلك فالجميع خاسرون نتيجة تدمير البنى الأساسية لهذه الدول، وتدمير مؤسساتها بل وتهديد الدول العربية الأخرى بالاكتواء بنيرانها فى الشمال الأفريقى والخليج العربى وخاصة مصر والسعودية والأردن، باختصار لا توجد دولة فى المنطقة بمنجاة من الخطر وتداعياته.
الثامنة: قدم الباحث تقسيما جديدا للفكر الإسلامى والحركة الإسلامية ما بين دعاة التغيير التدريجى عبر صناديق الانتخاب ودعاة التغيير الثورى العنيف، وذهب لوجود هذا التقسيم بين صفوف السنة والشيعة على حد سواء وخاصة بعد ثورة الخمينى وتهديده بتصدير الثورة الإسلامية وسعيه للإطاحة بالنظم الملكية فى دول الخليج؛ وهذا ما أدى لدعم إيران الخمينية ليس للشيعة فقط بل للحركات السنية الثورية الداعية للتغيير بالعنف (ص 172).
التاسعة: إن الحرب الدائرة فى المنطقة بغض النظر عن رفعها شعارات إسلامية أو طائفية فهى فى جوهرها صراع على السلطة.
العاشرة: نتساءل فى نهاية الكتاب ما هو الحل؟ ويذهب المؤلف إلى أنه لا مفر من اتحاد إرادة الدول العربية لمواجهة الخطر واستخدامها القوة الصلبة بالتدخل المباشر أو غير المباشر بتمويل وتدريب العناصر المحاربة للداعشية والقبلية والطائفية، وعلى السنة والشيعة الاتحاد معا فالخطر يهدد الجميع، ويدعو المؤلف لدور أمريكى قوى وقادر على المساعدة فى إزاحة وحش الإرهاب المحدق بالمنطقة . وختاما تهنئة للباحث على طرق موضوع بالغ الحساسية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة