تحالف مصرى سعودى بهذا الحجم وبتلك الطريقة هى رسالة قوية للداخل وللخارج
انتهت أمس زيارة الملك سلمان للقاهرة التى صاحبها وفد سعودى غير مسبوق بتاريخ المملكة. من المعروف أن العلاقات الدولية أيا كانت بين أشقاء أو غير ذلك فهى علاقات محورها الأساسى يدور حول مصالح الدول. فهل هناك مصالح مشتركة بين مصر والسعودية؟ بالطبع هناك مصالح مشتركة للطرفين ولا ينبغى حصر ومحاصرة تلك المصالح فى الجانب الاقتصادى لمصر حيث المشاكل الاقتصادية المتراكمة.
ولكن هناك أيضا مصلحة سعودية أنتجتها الظروف والمعطيات السياسية فى المنطقة فهناك مخاطر وتحديات تحيط بالمنطقة ومخططات تسعى لتفتيتها ونشر الفوضى غير الخلاقة فيها فالوضع فى العراق وسوريا واليمن وليبيا وما هو مستهدف من نشر الفوضى وتحقيق التقسيم الذى يحوط بمصر والسعودية لا ينبئ خيرا. إضافة للتطلعات الأقليمية الساعية لعودة الفرس وآل عثمان للسيطرة على المنطقة ناهيك عن الإرهاب الممول داخليا وخارجيا الذى تجاوز حدود تمويله وأصبح يهدد الجميع بلا استثناء. والأهم تلك البوادر المعلنة على لسان أوباما والساعية لتفكيك العلاقة السعودية الأمريكية واستبدالها بعلاقة إيرانية أمريكية الشىء الذى يهدد الأمن القومى السعودى خاصة بعد المحاصرة الإيرانية للسعودية فى اليمن والعراق ولبنان وسوريا.
هنا المصلحة مباشرة وفى ذات الوقت متبادلة. فتحالف مصرى سعودى بهذا الحجم وبتلك الطريقة والمصاحبة لها تلك الحملة الإعلامية هى رسائل قوية للداخل وللخارج. مع العلم أنه لا ولن يكون هناك ما يسمى بتطابق وجهات النظر فى كل القضايا. فليكن هناك تقارب أو توافق حول قضايا تتعارض فيها مصلحة النظامين المصرى والسعودى. وعلى ذلك وفى هذا الإطار تكون هذه الزيارة منعطفا حقيقيا وخطوة صحيحة فى طريق التوافق العربى والعروبى بعد وأد القومية العربية. كما أنها خطوة تتسق وتتوافق مع المتغيرات الإقليمية والعالمية لفكرة الوحدة وحتى يكون هناك نبت يثمر مواجهة لمجمل التحديات التى تحيط بالمنطقة خاصة فى مواجهة الإرهاب حيث إن إنشاء جامعة علمية فى سيناء يعنى التوجة الصحيح لمحاربة الإرهاب فكريا وعلميا إضافة للمواجهة الأمنية. كما أن إنشاء جسر برى فهذا يعنى مفتاحا للتنمية والنمو والتواصل السياسى والاقتصادى والشعبى بين دول الشرق العربى والغرب العربى بل بين أفريقيا وآسيا.
أما فيما يخص استقبال الملك سلمان للبابا تواضروس فبلا شك أن هذه هى المرة الأولى التى تحدث فى تاريخ المملكة خاصة أن مقابلة الملك عبدالله لبابا الفاتيكان فهى سياسية بروتوكولية. كما أن أهمية اللقاء تتجسد فى أن السعودية هى الدولة الإسلامية التى تعتبر نفسها حاملة وحامية لواء الإسلام فى العالم لوجود الأماكن المقدسة الإسلامية بها مع عدم وجود أقليات غير مسلمة ناهيك عن تبنيها الدعوة السلفية الوهابية التى ينسب نشرها فى مصر والمنطقة للسعودية. فهل هذه الزيارة ردا على زيارة البابا للسفارة السعودية؟ هل هذه الزيارة ستفتح بابا للحوار لمناقشة فكر دينى مسيحى إسلامى مستنير؟ هل يمكن استثمارها لتأكيد قبول الإسلام للآخر وإسقاط حجة ربط الإسلام بالإرهاب؟ هل هى علامة قبول من السعودية لعلاقات شعبية مصرية لا تفرق على أساس الدين؟ نتمنى أن تستثمر الزيارة فى كل هذا ولصالح الحوار الإسلامى المسيحى وقبول الآخر حتى يكون هذا طريقا لإقناع الآخرين بهذه العلاقات وبذلك التحالف. حمى الله مصر وشعبها العظيم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة