دندراوى الهوارى

إخراج بيع «التروماى» للسعودية كان سيئاً..!!

الأربعاء، 13 أبريل 2016 12:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى ظل المشهد المرتبك، والحقيقة أنه مرتبك منذ 25 يناير 2011 وحتى الآن، وفى ظل الانقسام الحاد بين أفراد المجتمع إلى فرق وشيع لـ«تقديس» الأشخاص، من عينة أتباع مرسى، وأتباع مبارك، وأتباع شفيق، وأتباع السيسى، وأتباع صباحى، وأتباع البرادعى، ووسط هذه الفرق والشيع والقبائل، اختفى الوطن، وغاب صوت العقل، وغرقت الحقيقة فى بحور الفوضى الفكرية والصراعات الفئوية.

راجت تجارة الكلام، واختلطت أنساب المفاهيم، فأنجبت شائعات وأكاذيب اغتالت سمعة الشرفاء، وشوهت وجه الوطن، وهددت أمنه القومى، وغابت الأفعال ولم يعد لفضيلة تغليب المصلحة العليا للبلاد، فوق المصلحة الشخصية الضيقة، أى وجود، واندثرت اندثار الديناصورات.

ومع كل قضية تثار، تمتلئ الساحة صراخا وأصواتا مزعجة تصم الآذان وتصيب بحالة من الهستيريا والجنون، وينقسم المجتمع لفريقين، كل فريق ينصب نفسه المالك الحصرى للحقيقة والوطنية والانتماء، ويبدآن فى توجيه كل اتهامات الشك والخيانة للطرف الآخر، مستخدمين ساحة مواقع التواصل الاجتماعى «الفيسبوك وتويتر» ميدانا لمعركة التخوين، والنضال المزعوم، ومسرحا للمبارزة السياسية.

ويرتدى كل فريق عباءة الخبراء والمتخصصين فى كل المجالات القانونية والسياسية والاقتصادية والكيمياء والفيزياء والرياضيات والجغرافيا والتاريخ والهندسة والفضاء، إلى آخر المجالات العلمية، وجعل كل فريق من الفريقين «ودن من طين والأخرى من عجين»، لا يسمع إلا نفسه فقط، ووسط هذا الصراخ والأصوات الزاعقة، تنتهز الجماعات والحركات السياسية والإرهابية والفوضوية الفرصة لتوظيف هذا اللغط والضوضاء لمصالحها الشخصية، وتصفية الحسابات، والعمل على إحراج السلطة فى الشارع.

ووسط هذا الضجيج، والضوضاء الكارثية، المدمرة للأعصاب، اختفى أهل العلم والعزم والحسم ومن بيدهم ناصية الحقيقة، فى مخالفة صريحة لقول الله سبحانه وتعالى: «فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ» صدق الله العظيم. الآية الكريمة تؤكد وتوضح وتُعلى من شأن أهل العلم، وإن كان أعلى أنواعه العلم بكتاب الله المنزل، فإن الله أمر من لا يعلم بالرجوع إلى العلماء فى جميع الحوادث، حيث أمر بسؤالهم، وأن بذلك يخرج الجاهل من التبعة، فدل على أن الله ائتمنهم على وحيه وتنزيله، وأنهم مأمورون بتزكية أنفسهم، والاتصاف بصفات الكمال.

ورغم قول المولى عز وجل، إلا أننا نعيش فى زمن تمجيد الجهلة، والاستعانة بهم فى كل مناحى الحياة، وإبداء فتواهم فى كل كبيرة وصغيرة تتعلق بالقضايا الحيوية، وإبعاد أهل العلم والذكر، الذين يعلمون، بل ويلصقون بهم اتهامات من عينة أنهم «مطبلاتية» للنظام.

وفى قضية جزيرتى تيران وصنافير، خرج الفريقان بفتاوى غريبة، واختفى صوت العقل والحق، والمتمثل فى العلماء، ومن بين هؤلاء على سبيل المثال، الدكتور محمود كامل أستاذ الجغرافيا السياسية بجامعة الزقازيق، وهو رجل ليس محسوبا بالمرة على أى نظام سياسى، وينأى بنفسه أن يكون تحت بؤرة الأضواء والاهتمام، مكتفيا بتغذية طلاب جامعة إقليمية بعلمه الغزير والوفير.

الدكتور محمود كامل قال لى كلاما علميا محترما حول الجزيرتين تيران وصنافير، فالرجل يؤكد أن الوضع القانونى قبل 1950، غائم، وغير جازم، وأن اتفاق 1950 بتنازل المملكة العربية السعودية مؤقتا عن الجزيرتين لمصر لمواجهة إسرائيل، واضح وأن كل الأدلة العلمية والقانونية من خلال الدراسة التى أعدها واستغرق إعدادها ما يقرب من 5 سنوات، أكدت أنها تابعة للسعودية، وهذا قولا واحدا.

والحقيقة المؤكدة أن الجزيرتين خاصة تيران، عبارة عن «تروماى» لا جدوى منهما أو قيمة اقتصادية كبيرة، وأن مصر بالفعل صَدرت الوهم، وباعت التروماى للمملكة العربية السعودية، والدليل القلق والانزعاج الشديد الحاصل فى إسرائيل، من الاتفاق بتعيين الحدود البحرية وإقامة جسر برى بين مصر والسعودية، وما سيسببه ذلك من مخاطر على أمن وأمان تل أبيب.

هذا الرأى العلمى، يناظره عشرات الآراء العلمية الأخرى، وعشرات الدراسات والوثائق التى تؤكد حقيقة ملكية الجزيرتين للسعودية، ورغم هذه الحقائق الدامغة، فإن سيناريو بيع «التروماى» للسعودية كان سيئا ومرتبكا، ولم يكن لأهل العلم والعزم والحسم أى دور فيه.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة