- أتخيل أنه لن يتخلف نائب عن حضور الجلسات الخاصة بهما
كان مجلس النواب يخصص جلسته العامة يوم الاثنين الماضى للرد على برنامج الحكومة، بينما كان معظم النواب يجلسون فى البهو الفرعونى، أى لا يشاركون فى المناقشات الخاصة بهذا البرنامج الذى سيسير عليه حال الدولة لمدة سنة.
أغضب هذا الأمر رئيس المجلس الدكتور على عبدالعال، فقال للنواب: «القعدة ده قعدة خاصة مش جلسات برلمان»، وأضاف: «الصحف نشرت صورًا للقاعة شبه خالية».
بين تنبيه رئيس البرلمان، وانصراف النواب، يظهر جانب من أداء المجلس حاليا، فمعظم النواب أعطوا موافقة للحكومة على برنامجها قبل عرضه، وحدث ذلك تحت مبررات مختلفة أهمها على الإطلاق أن الظرف حاليا لا يتحمل معارضة الحكومة، وإذا كان هؤلاء النواب قد تصرفوا على هذا النحو، فمن الطبيعى القول، إنه ليس لديهم دافع لمناقشة البرنامج، كما أن عدم إذاعة المناقشات على الهواء مباشرة سحب منهم ميزة مشاهدة الناخبين لهم.
يقودنى ذلك إلى تخيل حال المجلس أثناء مناقشة قرار الحكومة حول جزيرتى «تيران وصنافير» بتسليمهما إلى المملكة العربية السعودية، وفى التصريحات المتوفرة من بعض النواب سنجد من يرفض قرار الحكومة، مثل يوسف القعيد، وسمير غطاس، وقال خالد يوسف، إن التنازل عن السيادة من حق الشعب وحده، وإن الطريقة المتبعة من تجهيل الشعب وافتقادنا للشفافية الكاملة، خاصة فى هذه الأمور التى تمس الحقوق الأصيلة للشعب، فهى طريقة مرفوضة، غير أنه فى مقابل هذه الآراء هناك نواب يؤيدون الحكومة فيما ذهبت، ويتحدثون عن أن الجزيرتين حق للسعودية.
أتخيل طبيعة المناقشات التى ستحدث أثناء مناقشة هذه القضية تحت قبة البرلمان، وأرمى نظرى إلى ما سوف يتحدث فيه المعارضون لموقف الحكومة، والمؤيدون لها، وأتخيل أنه لن يتخلف نائب واحد عن حضور الجلسات الخاصة بها، وفى هذه الحالة سيتبين للرأى العام كيف كوّن كل نائب رأيه.
سنرى مثلا قطاعا من النواب يبنى رأيه بناء على ما تقوله الحكومة وفقط، وسنرى آخرين يبنون موقفهم بطريقة البحث والتحرى من كل المراجع التى تتناول وضع الجزيرتين تاريخيًّا وجغرافيًّا، وبالطبع هناك من كون وجهة نظره من الآن.
أترقب من الآن طبيعة هذه المناقشات حتى أتبين منها ما إذا كان هناك نواب يتسلحون فى تكوين وجهة نظرهم بقراءة مؤلفات مهمة حول سيناء مثل كتاب «شخصية مصر» للدكتور جمال حمدان، وكتابه عن «سيناء»، وكتاب مهم هو «تاريخ سيناء» لـ«نعوم شقير»، وهو مجلد ضخم فيه مادة وفيرة وخصبة عن كل شىء فى سيناء، ويتحدث مثلا عن اتفاقية الحدود التى يجرى الجدل بشأنها عام 1906 وكان هو ممثلا لمصر فيها، وفى هذا الكتاب يأتى بمكونات سيناء الجغرافية وفيها أن الجزيرتين من مكوناتها: «جزيرة تيران عند قاعدة تجاه رأس محمد بينهما مضيق لمرور المراكب، وجزيرة سنافر شرقيها، وكلتاهما قفر بلقع»، وبالرغم من أهمية هذا الكتاب المرجع، فهناك أيضا مذكرات أحمد شفيق باشا، رئيس ديوان الخديوى عباس حلمى الثانى، وهى مذكرات مهمة تعطينا تفصيل تكاد تكون يومية لفترة حكم «عباس الثانى»، وتمتد إلى ما بعد خلعه بسنوات، وفى هذه المذكرات وقائع تفصيلية عن قصة ترسيم الحدود لمصر مع جيرانها فى أكتوبر 1906، وكان أطرافها الدولة العثمانية (تركيا) وبريطانيا باعتبارها قوة احتلال لمصر.