أتصور أن أمريكا وحلفاءها أصدرت حكمها ضده
ماذا عن دلالة مقتل رفاعى طه قائد الجناح العسكرى للجماعة الإسلامية فى الخارج؟ قيمة الحدث أنه تم فى سوريا، حيث كان الرجل هناك فى مهمة تكوين جيش إسلامى من الفصائل الإرهابية المتقاربة لمواصلة القتال فى سوريا.
ذهب رفاعى إلى سوريا بعد فض اعتصام رابعة العدوية، حيث اختفى عن الأنظار وقتها، واختلفت الأنباء حوله، حيث قيل إنه تم القبض عليه، لكن لم يحدث تأكيد على هذا الخبر، وأخيرا عرفنا أنه كان فى مهمة يستكملها، وهى توحيد صف قوى الإرهاب فى سوريا لمواصلة مذابحها.
والمعروف أن رفاعى طه من أكبر المتشددين فى الجماعة الإسلامية، ولم يقتصر إرهابه على قضية مقتل الرئيس السادات فى 6 أكتوبر 1981 ولا على المذابح التى ارتكبتها الجماعة الإسلامية وقتئذ فى أسيوط، وإنما امتد دوره إلى مذبحة 58 سائحا فى الأقصر عام 1997، وارتكب الرجل مع آخرين هذه المذبحة بدم بارد، وذلك استنادا على تأويلات دينية غير صحيحة تستبيح دماء غير المسلمين فى أرض المسلمين.
حصل رفاعى طه على أحكام بالإعدام لارتكابه جرائمه، لكن لم يتم تنفيذ الإعدام فيه، وبعد ثورة 25 يناير تم الإفراج عنه ضمن الإفراجات التى تمت لإرهابيين آخرين، وبعد أن خرجوا واصلوا دورهم فى تكفير الآخرين بالفتاوى الهابطة، والتهديد بالعنف ضد معارضيهم، والتحق هؤلاء بقافلة محمد مرسى وجماعة الإخوان تأييدا ومبايعة لما يفعلونه، وكان «رفاعى» من ضمنهم، ونفذت الجماعة الإسلامية أغراضها الإرهابية فى سوريا من خلال الموقف العام الذى كان يتخذه محمد مرسى وجماعة الإخوان، الذى تمثل فى التصميم على إسقاط نظام بشار الأسد لصالح التكفيريين والإرهابيين، ونتذكر جميعا المؤتمر الذى تم تنظيمه فى استاد القاهرة من أجل حشد الجهود لمساندة الإرهابيين فى سوريا، ونتذكر إعلان صفوت حجازى أنه قام بتوريد السلاح وإدخال الأشخاص إلى سوريا للإنضمام إلى الجماعات الإرهابية التى تقاتل الجيش العربى السورى.
هكذا شهدت مرحلة حكم جماعة الإخوان تأييدا بلا شروط للإرهابيين فى سوريا، وبالطبع فإن ذلك أدى إلى الحديث عن تصورات مرحلة ما بعد انتهاء الأزمة السورية، وماذا سيكون مصير الذين ذهبوا من مصر للانضمام إلى الإرهابيين فى سوريا؟ ومن هنا يتجدد السؤال: هل كان رفاعى طه وحده من الجماعة الإسلامية فى سوريا؟ وهل لدينا حصر بهم هنا فى مصر حتى لا نفاجأ بهم بعد ذلك؟
أعتقد أنه من الضرورى أن يكون هناك تعاون بين الأجهزة الأمنية فى مصر ونظيرتها فى سوريا لهذا الغرض، حتى لا تتكرر مأساة مرحلة ما بعد انتهاء حرب أفغانستان.
هذا السياق التاريخى الذى جاء منه رفاعى طه الذى واصله فى سوريا، يقودنا أيضا إلى فهم أعمق لما حدث له فى سوريا، فوفقا لما قيل من أنباء عن مقتله، فإنه كان خارجا من اجتماع مع قائد أحد أبرز الفصائل السورية السورية الإرهابية بصحبة 5 من مرافقيه الذين استقلوا إحدى السيارات قبل أن تقصفهم طائرة بدون طيار تابعة للتحالف الدولى الذى تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، ويعنى ذلك أننا أمام نظرة من «التحالف» تقود إلى تصور أنه يتم التخلص من العناصر التى قادت الإرهاب على الأرض السورية فى المرحلة الماضية، بعد أن حققت أهدافها، وها هو رفاعى طه وأمثاله يتم تنفيذ هذا التصور ضدهم.
أتصور أن أمريكا وحلفاءها أصدرت حكمها ضد رفاعى طه وأمثاله الذى ينص على: «عفوا نفد رصيدكم ولا بد من التخلص منكم».