قد لا تحتمل عزيزى القارئ الآن طرح المزيد من التساؤلات فى شأن تيران وصنافير -ومعك كل الحق- فبعد كل ما أثير حولهما، قد تكون أكثر حماسًا لمن يقدم لك إجابات لا من يرسم المزيد من علامات الاستفهام أمامك، أحترم أنك قد لا تقبل إضافة مساحة أخرى من التشويش فى هذا الشأن، ولكن ضم الجزيرتين للسيادة السعودية يطرح تساؤلات أخرى لا تتعلق بأحقية المملكة من عدمها، ولكن تساؤلات حول علاقات دولية قد تختلف مساراتها نتيجة للتغيرات التى طرأت على وضع الجزيرتين اللتين تمتلكان القدرة على رسم علاقات دولية جديدة لخضوعهما لاتفاقية كامب ديفيد -الموقعة بين مصر وإسرائيل بضمانة أمريكية- ومعلوم للجميع أن السعودية ليست طرفًا فيها.
فما مصير الجزيرتين بعد ضمهما للسعودية؟ وهل تشكلان جسرًا لعلاقات سعودية إسرائيلية معلنة؟
تصريحات الجانب الإسرائيلى حول تيران وصنافير جاءت مؤكدة أن لا شئء يحدث دون تنسيق مسبق مع تل أبيب، حيث قال وزير الدفاع الإسرائيلى موشيه يعلون أن حرية مرور إسرائيل فى مضيق تيران مضمونة فى وثائق معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل الموقعة فى1979، وأن البلدان المعنية فى هذه القضية أكدوا باستمرار حرية مرور إسرائيل فى المنطقة، وأن ذلك انعكس فى وثيقة تسلمتها إسرائيل، وتضمن الوثيقة التزام المملكة العربية السعودية، التى ليس لديها اتفاقات رسمية مع إسرائيل، على الاستمرار فى المبادئ التى توصلت إليها إسرائيل ومصر فى اتفاق السلام الموقع بينهما ووفقًا للاتفاق، مضيق تيران وخليج العقبة هما ممران مائيان دوليان مفتوحان للإبحار والطيران الحر.
تصريحات "يعلون" أكدت أن ثمة توافقات تمت لنقل سيادة الجزيرتين للمملكة، وضمانات قدمتها السعودية لتل أبيب على عكس التصريحات السعودية التى جاءت على لسان عادل الجبير وزير الخارجية المملكة التى قال فيها "إن السعودية لن تتفاوض مع إسرائيل، لأن الالتزامات التى أقرتها مصر ستلتزم بها بما فيها وضع القوات الدولية على الجزر".
تصريحات "الجبير" جاءت متماشية مع الصيغة الرسمية المعلنة لـ"اللا علاقات السعودية – الإسرائيلية" بينما تصريحات الجانب الإسرائيلى جاءت أيضًا متماشية مع المعلومات التى ظهرت بوثائق إسرائيلية -تم الإفراج عنها مؤخرًا بموجب قانون الوثائق الإسرائيلى- تحدثت عن محور سعودى-بريطانى-إسرائيلى لدعم العائلة الملكية فى اليمن ضد الثورة الجمهورية التى ساندها جمال عبد الناصر فى حرب اليمن، والتى امتدت من1962- 1968، أرسل خلالها عبد الناصر قوات مصرية لدعم الثورة، تلك الوثائق أكدت الشكوك حول وجود اتصالات سعودية إسرائيلية إذا ما طرأت مصلحة مشتركة، ولكنها اتصالات اتسمت بالسرية الشديدة، وكان الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل قد تحدث عن الدور الإسرائيلى الداعم للجبهة السعودية فى حرب اليمن، وبعد مرور عقود أثبتت الوثائق الإسرائيلية ما قاله هيكل من قبل.
مع المعطيات السابقة يرى البعض أن الوضع الأمنى الخاص لجزيرتى تيران وصنافير قد يدفع إلى مزيد من التنسيق والتعاون المعلن بين الجانبين السعودي، والإسرائيلى خاصة مع وجود نقاط تلاقى أخرى متمثلة فى العدو المشترك "إيران" التى ينطبق عليها القول "عدو عدوى صديقى" فإيران ألد أعداء الطرفين، وتقارب سعودى-إسرائيلى يدعم التحالف المناوئ لطهران بمباركة أمريكية .
فهل تشكل "تيران-صنافير-إيران" عوامل لدفع العلاقات السعودية الإسرائيلية إلى مساحات أوسع من التعاون، وتسليط مزيد من الضوء داخل النفق المظلم للعلاقات السعودية الإسرائيلية فى الفترة المقبلة؟
ورغم أن سيناريو علاقات علنية رسمية على مستوى أوسع مع إسرائيل قد يلقى ترحيب الولايات المتحدة من جهة، لكنه سيلقى بظلال قاتمة على الصورة الدينية المحافظة التى تحرص السعودية على تقديم نفسها من خلالها للعالم الإسلامى والعربى.
سهيلة فوزى
هل تدفع "تيران وصنافير" العلاقات السعودية-الإسرائيلية إلى الأضواء؟
الأحد، 17 أبريل 2016 10:00 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة