أى نظام سياسى بفصيله المؤيد والآخر المعارض، وأى سياسى بشكل عام يجب ألا تغيب عنه الأدوات والآليات التى تؤهله لتوصيف الواقع بشكل صحيح وسليم وموضوعى حتى يمكنه أن يتخذ من المواقف والأساليب والرؤى السياسية ما يريد حتى يكون القرار تأييداً أو معارضة صحيحاً، ويصب فى صالح الوطن والمواطن.
ولكن أن يكون التأييد لهدف خاص ولصالح ذاتى أو أن تكون المعارضة بغرض المكايدة السياسية أو إثبات الوجود السياسى والإعلامى والظهور بمظهر الزعامة الكاذبة والبطولة الزائفة، فهذه وتلك هى التجارة الرائجة هذه الأيام باسم الوطن والوطنيةو، وتحججاً بالحفاظ على الأرض.
لا شك أن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية التى أسفرت عن وقوع جزيرتى تيران وصنافير فى الحدود البحرية السعودية قد أحدثت ردود فعل غير مواتية، خاصة فى ظل الظروف الاستثنائية التى يعيشها الوطن الآن.
كما أن العرف القائم سياسياً وجغرافياً على أرض الواقع جعل الكثيرين يعلمون أن الجزر مصرية، إضافة للإخراج السياسى السيئ للاتفاقية.
كل هذا فى الوقت الذى تمثل فيه الأرض بالنسبة للمصرى أغلى ما يملك فهى له الشرف والعرض، وهذا ما تأكده معطيات الجغرافيا وأحداث التاريخ، ولذا وجدنا من يستغل هذه الاتفاقية سواء كان رافضاً للنظام الحالى، متمنياً عودة شرعية ساقطة أو من كان كل وقته فى البيات الشتوى، وينتظر مثل هذه الفرصة لاستغلالها للظهور الإعلامى حتى يرضى مرض الزعامة المصاب به.
وهناك من يعانى من مشاكل حياتية واقتصادية، حيث لم يجد تحقيق آماله التى أسرف الجميع فى إغداقها بلا حساب، وهناك من يرفع شعار المعارضة، استفزازاً لعواطف الجماهير وللضمير الجمعى المرتبط بالأرض، فوجدنا من يخرج لمظاهرات بحجة الحفاظ على الأرض التى هى العرض، ناسين أن أساليب التعبير عن الرأى حق بالفعل ومطلوبة ولا يملك أحد مصادرتها، ولكن كل أسلوب له ظروفه السياسية، سبباً ونتيجة، ولذا سيظل هذا الجدل دائراً، حيث سيستغل من الداخل والخارج سواء كان ضد النظام السعودى أو المصرى، ولا يخلو هذا من تصفية حسابات تتمسح فى الوطن والوطنية.
وبالرغم من ناصريتى وعروبتى وقوميتى لا أنكر أننى لدىّ بعض عدم الارتياح بشكل عام من النظام السعودى، ولكن متى كانت العواطف تصلح للحكم الموضوعى والعمل السياسى الشريف؟ فمع ذلك فأنا لدىّ قناعة بصحة الاتفاقية فالحدود والحقوق لا تخضع للعواطف والأحاسيس، ولكن للواقع والعلم والقانون الدولى، فحتى الآن أرى من يعارضون لم يقدموا وثيقة تدل على ملكية مصر غير وضع اليد بطلب سعودى.
ولذا نجد أن البرلمان فى ورطة. فهناك من يؤيد وهؤلاء يمارس عليهم ضغوط للرفض وسيتهمون بأنهم مجلس مصنوع، والمعارضون ستكون حولهم ظلال من الشك بمغازلة الجماهير تحت عنوان الحفاظ على الأرض، ولذا يجب أن تكون هناك جلسات استماع بلا حدود لإبداء الآراء من المتخصصين من المؤيدين والمعارضين مع عقد مؤتمرات جماهيرية مكثفة لمناقشة ولتوضيح حقيقة الأمر ببساطة.
مع العلم أن الرفض سيؤدى إلى التحكيم وحسب المطروح ستكون الجزر سعودية والله أعلم. حمى الله مصر وشعبها العظيم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة