أكرم القصاص

روح كده وإنت «لجنة»!

الثلاثاء، 19 أبريل 2016 07:07 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

موت السياسة فى بحر المزايدات


من علامات موت السياسة، العجز عن إدارة حوار حول أى قضية، واللجوء إلى الاتهامات وتشجيع الانقسام على حساب التفاهم. يختلف أى اثنين فى المناقشة ويسارع إلى اتهام الطرف المختلف بأنه «لجنة»، يعنى مؤجر لإعلان موقف تأييدا أو معارضة. لكن اللافت خلال الفترات الأخيرة هو الخلاف لدرجة الصدام والخصام بين أصدقاء أو معارف، يعرف كل منهما أنه ليس لجنة وإنما لديه وجهة نظر مختلفة. وآخرها موضوع الجزر، حيث رأيت شخصيا مناقشة بين اثنين يعرف كل منهما الآخر، وصل الخلاف بينهما إلى تبادل الشتائم وإلقاء الاتهامات بالخيانة، وأنه «مغسول المخ» وبعد تبادل الاتهامات الثائية والفردية، نزل عليهما هدوء واستعادا عقليهما وتصالحا على أن يحتفظ كل منهما برأيه. لكن بقيت قضية الاتهام باللجنة واردة ومشهرة.

أما عن اللجان فهى فى جزء منها حقيقة وجزء مبالغ فيه، يتخذ البعض منه شماعة يطعن بها الطرف المخالف، وهو أمر يتعلق بما نراه شرخا يعكس العجز عن إقامة حوار من دون شتائم. وهى خلافات مستمرة منذ سنوات، وصلت إلى الأمور العائلية حيث يختلف شقيقان أو صديقان فيختلفا ويتخاصمان بعد تبادل الاتهامات. مثلما تلقت الزوجة علقة من حماتها عندما تجرأت وحذفتها من قائمة «الفريندز»، وطلبت الزوجة الطلاق، وها نحن نرى السياسة تقود لما هو أكبر من الطلاق. وقد تكون واقعة الزوجة والحماة هى التى وصلت للمحكمة لكن مثلها كثير فى السياسة تتجسد فى اتهام كل طرف للآخر بأنه لجنة، ولا يريد كل طرف سوى أن يسمع صوته فقط ومعارفه. وهى صراعات تعكس عجزا عن المنطق وشيوعا واستسهالا للاتهامات والشتائم. تعكس تحولات فى نفسية واتساع للمشاركة وتدفق للمعلومات والآراء والأوراق والوثائق، التى تبقى محل نقاش ولا يمكن التعويل عليها لكون كل طرف يوظفها لصالح رأيه. والنتيجة أن أعمق النظريات الجيوسياسية والتحليلات أصبحت معروضة وأقلها يفتقد للمنطق وبعض الخلافات تدار على طريقة مباريات الكرة وليس بمنطق الحوار والأخذ والرد.

أما موضوع اللجان فهو يعكس غيابا للحوار، وسيادة لمنطق فردى لدى من يعرفون بعضهم ومع ذلك يسارع كل طرف باتهام الطرف الآخر. وبعضهم تخلى عن وقاره واندمج فى المشتمة. ولا نعرف أن كان التعصب انتقل من الرياضة للسياسة أم العكس. لكن الأمر كله ينقلنا إلى «موت» السياسة، وأزمة غياب للحوار، مستمرة من سنوات تدفع نحو الاستقطاب، وتحرم كل طرف من إعلان رأيه بالتأييد أو المعارضة، من دون أن يجد نفسه متهما. وهو ما يطلق عليه فى السياسة المزايدة يختلف اثنان فيطلق كل منهما على الآخر «روح كده وإنت لجنة». وفى كل الأحوال تختفى السياسة خلف المزايدات.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة