محمود سعد الدين

الموت فى الخدمة؟

السبت، 02 أبريل 2016 09:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أظن أن الوسط الإعلامى فى الشهور الماضية لم يشهد خروج تحقيقات تليفزيونية بشكل حرفى للنور غير تحقيقين للزميلين مصطفى كفافى بقناة الغد العربى، ومصطفى مرصفاوى بقناة بى بى سى، الأول عن مافيا قتل المصريين أثناء الهجرة غير الشرعية لإيطاليا، والثانى عن «موت فى الخدمة الميرى».. كلا التحقيقين يسردان مزيدا من القصص الموجعة لشباب مصرى، سواء تعلق بحلم السفر لأوروبا عبر الهجرة غير الشرعية، فابتلعته أمواج البحر المتوسط، أو دخل بحماس فى الخدمة العسكرية لأداء الواجب الوطنى، فعاد منها محمولا على الأكتاف بعد وفاة غامضة مشكوك فى أسبابها.

التحقيق التليفزيونى الأحدث فى العرض على الشاشة كان تحقيق «مرصفاوى»، حمل عنوان «موت فى الخدمة»، واستغرق فى تنفيذه عامين إلا قليلا، ويتضمن قصصا لأسر من محافظات مصر الفقيرة فقدت خيرة أبنائها ممن كانوا يقضون الخدمة العسكرية فى «الأمن المركزى»، ولأول مرة تعلن الأسر بشكل جماعى عبر تحقيق المرصفاوى الأسباب الخفية وراء الوفاة من عمليات تعذيب، أو حتى قصص وهمية عن الانتحار روجت لها «الداخلية»، بينما تبين كذبها فيها بعد، وتناقضها مع الواقع.

«مرصفاوى» دعم تحقيقه التليفزيونى بمحاضر الشرطة وتحقيقات النيابة العامة فى أكثر من واقعة لكى لا يواجه باتهامات من نوعية «الفبركة» أو «اصطناع» وقائع غير حقيقية، خاصة وأن ما ورد بالتحقيق التليفزيونى لا يتطلب فقط الرد السريع من وزارة الداخلية وجهازها الإعلامى، ولكن يتطلب أيضا الإجابة عن كل الأسئلة الغامضة التى تناولها أهالى المجندين فى كل قصة على حدة.

وللتأكيد، رد وزارة الداخلية ليس لنفى ما ورد بالتحقيق من وقائع وفاة غامضة يحيط بها شبهات واسعة، ولكن أيضا لتجديد الثقة فى مفهوم الأمن المركزى، وعدم وجود ظلم واقع على الجنود البسطاء الفقراء القادمين من الريف والصعيد، فضلا عن أننا بالأساس لدينا وقائع كارثية فى عهد وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى وتحديدا واقعة سخرة جنود الأمن المركزى التى حققتها النيابة العامة وإحالتها للمحاكمة الجنائية، وصدر فيها حكم ضد العادلى، بعد التأكد واليقين من استخدامه أفراد وجنود الأمن المركزى فى أعمال بناء فيلته الخاصة، ولساعات طويلة، دون أى اعتبار لقانون أو للائحة أو لدستور أو حتى لتعاليم الدين الإسلامى الحنيف.

الرد من «الداخلية»، ليس دليلا على نجاح تحقيق مصطفى المرصفاوى فقط، ولكن تأكيد لإنصاف الجنود الذين فقدوا أرواحهم، وإعادة رد الاعتبار لأسرهم التى لازالت تكافح منذ سنوات على حقوق أبنائهم إيمانا بأن كل حق وراءه مطالب.

على الجانب الآخر، ما فعله «مرصفاوى» بإنتاج تحقيق تليفزيونى محترف، يعيد الثقة لجيل جديد لديه العزم على تقديم صحافة حقيقية بعيدة كل البعد عن كيم كارديشيان، أو أرقام الترافيك اليومية، أو العناوين الجاذبة من عينة 25 معلومة عن ريم البارودى رقم 6 ستبهرك، ما فعله مرصفاوى يحملنا المسؤولية كصحفيين شباب أن نكون على قدر المهنية التى اتبعها الصديق العزيز بين التنوع فى المصادر وتجدد القصص التى سردها، والتحقق من كل رواية وتدعيم عمله بالوثائق والمستندات.

هنيئا للمرصفاوى التحقيق التليفزيونى المتميز، ولازلنا ننتظر رد وزارة الداخلية حول الأسئلة الغامضة التى دارت بالتحقيق عن وقائع قتل بالتعذيب لجنود الأمن المركزى فى فترات متباينة وبمديريات أمن مختلفة فى السنوات الماضية.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة