هل نحتاج لفكرة جديدة لمشاركة السجناء فى التنمية؟.. فى فيلم «مطب صناعى» وجد «ميمى» الذى يقوم بدوره الفنان، أحمد حلمى، نفسه فى مأزق أمام الأمانة التى تحملها من رجل الأعمال «فاروق» «عزت أبوعوف»، وهى توريد شحنة بطاطس تم الاتفاق عليها بين «فاروق» ومستورد لبنانى، فلجأ «ميمى» إلى حيلة بأن أوهم عددا من الخارجين على القانون أنه ضابط شرطة، وقام بإلقاء القبض عليهم وجمعهم فى سيارة شبيهة بسيارة الترحيلات، وانطلق بهم إلى أن وصلوا لمنطقة صحراوية، وحينما سألوا حلمى «أين السجن» أقنعهم بأن الصحراء فكرة السجن، والمطلوب منهم تنفيذ العقوبة فى زراعة الأراضى الصحراوية الموجودين بها، أو بمعنى آخر تحويل الرمال الصفراء إلى أراضٍ خضراء، وأقنعهم «ميمى» وقتها أن هذا هو السجن الجديد، حتى ولم يصدر ضد أحدهم حكم قضائى.
ما فعله «ميمى» فى مطب صناعى، يبدو أننا فى حاجة له على أرض الواقع، لكن بشكل مؤسسى، فمصر الآن بها عدد هائل من المسجونين على ذمة قضايا جنائية، وغالبية المسجونين من الشباب ممن يمكن الاستفادة من طاقاتهم بدلاً من بقائهم داخل السجون دون أى فائدة، سواء للبلد أو للشباب أنفسهم.
بالتأكيد سأجد من يقول، إن بداخل السجون يتم استغلال طاقة عدد من المسجونيين فى مهن مثل صناعة الأثاث والملابس والمفروشات والسجاد اليدوى والأحذية والثروة الداجنة والثروة الحيوانية وزراعة الخضراوات والفاكهة والمزارع السمكية، وإنتاج عسل النحل وزيت الزيتون والحلاوة والخبز المتميز ومصنفات اللحوم والبيض، ويستحق المسجون عن هذه المهن أو الحرف دخلا شهريا لا يقل عن ألف جنيه شهريا من إدارة السجن يسمح له بالادخار أو بالإنفاق على نفسه وأسرته، لكن ما أقصده لا علاقة بما يتم الآن داخل السجون، فما أتحدث عنه أننا بحاجة لاستراتيجية أكبر أو خطة يتم تقنينها لإدماج السجناء فى المشروعات القومية التى تعمل الدولة عليها الآن.
إستراتيجية جديدة تسمح بعمل السجناء فى المشروعات القومية المترامية فى كل محافظات مصر، حتى يتم استغلال هذه الطاقات خاصة الشبابية منها، بدلاً من تركها داخل جدران السجون دون أى استفادة إلا فقط قضاء العقوبة المحكوم عليهم بها، فما أكثر المشروعات التى تعمل الدولة عليها سواء فى سيناء أو الصعيد أو قناة السويس ومناطق أخرى كثيرة، وهى بحاجة لأيادى عاملة كثيرة، بالتأكيد متوفر منها الكثير بين جدران السجون المصرية، فداخل السجون المزارع والحرفى والصناعى وغيرهم ممن يمكن تشغيلهم فى هذه المشروعات، على أن يكونوا جزءاً منها مستقبلاً بعد أن يشاركوا فيها، فعلى سبيل المثال مشروع المليون ونصف مليون فدان يمكن تخصيص جزء منها للمسجونين يتم استصلاحها من خلالهم، وبعد قضائهم مدة حكمهم يكون لهم الأولوية فى شراء هذه الأراضى وزراعتها، وهذا مثال يمكن تطبيقه فى أماكن أخرى، فى مصانع الرخام فى سيناء، وإنشاء المجمعات السكنية والمشروعات الكبرى فى محافظات مصر، فمن خلال هذه الاستراتيجية تحدد الدولة الأماكن التى تترك للمسجونين ليعملوا بها لتأمينها بشكل لا يسمح لهم بالهروب أو مخالفة قواعد السجن، فالفكرة ببساطة شديدة سجن لكنه مفتوح، وتستفيد الدولة من خلال مشاركة هذا العدد الكبير فى التنمية التى تسعى لها مصر فى الوقت الراهن.
أهمية هذه الاستراتيجية أنها تفتح مجالات عمل كثيرة وحقيقية أمام المسجونين بعد انتهاء مدة سجنهم، كما أنها ستساعدهم على تأهيل أنفسهم بشكل عملى، وستقضى على فكرة انتقال الفكر الإجرامى داخل السجون بين المسجونين، وأمور أخرى كثيرة يمكن رصدها حال الاتفاق على العمل بها أو اقتناع الحكومة بجدواها وفائدتها.
هذه مجرد فكرة يمكن بحثها ودراستها من جانب المتخصصين، لكن شريطة ألا تأخذ وقتاً طويلاً.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة