حلم جديد يولد من رحم المعاناة.. عام كامل يحبو.. والآن يقف على قدميه بشموخ.
بهية ذلك الاسم الذى أطلقه المخرج العالمى الراحل يوسف شاهين على مصر.. «بهية وهبى» تلك السيدة الكريمة صانعة الخير فى حياتها وحتى بعد رحيلها رفع أولادها نفس الراية.. راية الخير، وكانت نيتهم خالصة لوجه الله. وكما قال رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقه جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له»، صدق رسول الله.
على مساحة 1000 متر وستة طوابق بمنطقة الهرم يقام صرح مستشفى بهية كأول مستشفى للاكتشاف المبكر لسرطان الثدى فى مصر والشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
أقيم هذا الصرح فى مارس 2015 على مساحة الفيلا التى كانت تقيم فيها السيدة بهية زوجة رجل الأعمال حسين عثمان، كانت تكلفة البناء ما يزيد على 100 مليون جنيه لأحدث مستشفى لعلاج سرطان الثدى للسيدات وشاركت جمعية رسالة، وهى إحدى الجمعيات الخيرية التى تعمل فى خدمة المجتمع بتحضير المستشفى بأجهزة تصل تكلفتها إلى 150 مليون جنيه.
المستشفى تعالج سنويا حوالى 18 ألف سيدة من إجمالى 43 ألف حالة سرطان ثدى للسيدات فى مصر. وتستقبل المستشفى يوميا حوالى 200 حالة ما بين الكشف المبكر لسرطان الثدى والكشف العادى، وتم إجراء 1200 عملية جراحية خلال عام، بالإضافة إلى 1200 سيدة يخضعن للعلاج الكيماوى سنويا، كل هذه الخدمات تقدم لسيدات مصر مجانا فتدخل المريضة تعانى وتخرج بإذن الله ثم بمجهود أطباء وممرضات تفرغوا لخدمة هؤلاء المريضات حتى تمام الشفاء.
ويحكى لنا الدكتور هشام أبو النجا مدير المستشفى، أن فكرة المستشفى جاءت عندما أصيبت السيدة بهية بمرض السرطان، ولاحظت عائلتها معاناة السيدات الفقيرات من نفقات العلاج الباهظ، فقررن أن يكون إكرام والدتهنو بعد وفاتها هذه الصدقة الجارية على روحها، ويقول الدكتور هشام: إن بعض الحالات التى نعالجها تصل تكلفة الحالة الواحدة إلى 250 ألف جنيه، فاستراتيجية المستشفى وهدفها هو الشفاء التام بإذن الله لكل الحالات التى نبدأ فى علاجها، ورغم أن نسبة الإصابة فى مصر لسرطان الثدى تصل إلى %32 وهى نسبة كبيرة، إلا أن نسبة الشفاء أيضا تبدو متاحة.. والفيصل فى هذا الأمر هو الإسراع فى اكتشاف المرض، واتخاذ الخطوات المناسبة لكل حالة، وهذا ما نوفره فى مستشفى بهية.
كم أبهرنى هذا البناء الفخم للمستشفى وهذه الأجهزة الحديثة، فمنها أجهزة الكشف المبكر للسرطان، وأجهزة العلاج الإشعاعى والكيماوى التى لا يوجد مثيل لها فى مصر إلا فى هذة المستشفى، كل هذا يقدم بالمجان تماما، ولكن هذه الخدمات لا تكفى إلا لحوالى %60 من السيدات المترددات على المستشفى، والـ%40 ينتظرن فى قوائم انتظار طويلة، هذا الانتظار الذى من شأنه تقليل نسبة الكفاءة التى تقدم إلى المريضات وبالتاكيد سيؤثر على نتائج الشفاء الذى حدثنها عنها الدكتور هشام. المستشفى قائم على التبرعات، سواء من الرعاة الذين يدعمون هذا الصرح الطبى، أو من الجمهور العادى الذى يوجه جزءت من ماله لصالح المستشفى.
تجربة مستشفى بهية تستحق التحية والتقدير، ولكن تحتاج أيضا إلى تكاتف المؤسسات الخيرية ورجال الأعمال والمجتمع كله حتى تستطيع أن تستمر بهية فى تقديم خدماتها العلاجية مجانا، وعلى أعلى مستوى من الخدمة الطبية، وفى وجود أحدث أجهزة العلاج الإشعاعى والكيماوى. ورغم كل ما نعانيه من أزمات اقتصادية وشرذمة للمجتمع وصراخ هنا، هناك يبقى الأمل هو الشىء الجميل الوحيد المتبقى لنا.. «لو بطلنا نحلم نموت»، قالها محمد منير فى أغنيته الشهيرة.
بهذه الروح يعمل فريق عمل بهية بقيادة الدكتور هشام أبو النجا، من منطلق هذه الروح سعى أبناء بهية أن ينيروا طريقا للأمل والشفاء لكل مريضات السرطان فى مصر.. فهل من مجيب؟!