العجيب فى دوائر السوشيال ميديا أنه لو أى وسيلة إعلامية مصرية كتبت خبرا منسوبا لمصدر مجهول أو مطلع أو بارز أو حكومى أو عسكرى أو سيادى أو رئاسى أو حتى أمنى، تجد الشجب والإدانة والرفض والاستنكار، ولماذا المصدر المجهول وتسمع خطبا عن مهنية الصحافة، وكيفية الهروب من مواجهة القارئ بمعلومات حقيقية وراء المصدر الذى رفض ذكر اسمه، وفى الوقت ذاته لو أذاعت أى وسيلة إعلامية أجنبية أى خبر عن مصدر مجهول تجد الترحيب، ومزيدا من الشير والقراءات والانتشار على نطاق واسع.. هنا الفارق معناه بكل سهولة ليس ما يطلبه أهل السوشيال ميديا من مهنية الصحافة، بقدر ما يريد أهل السوشيال ميديا قراءته ونشره لقطاعات أكبر.
نموذج خبر «رويترز» يعد أكبر مثال يمكن الاعتماد عليه فى ضرب المثال وإجراء المقارنة. وكالة الأنباء العالمية تبث خبرا على لسان مصدر مجهول تؤكد فيه معلومات حقيقية عن احتجاز الطالب الإيطالى جوليو ريجينى فى أحد أقسام الشرطة قبل نقله لأحد مقار جهاز الأمن الوطنى وتعرضه للتعذيب.
هذا الخبر لاقى انتشارا فى دوائر السوشيال ميديا بشكل واسع، ولاقى فى نفس الأمر استحسانا، رغم أن الخبر منسوب لمصدر مجهول، ورغم أن المعلومات الواردة ليست حقيقية، وهو الأمر الذى يجعلنا نقيم القارئ نفسه، لماذا قبل هذا الخبر بنفس صياغته من وسيلة إعلام أجنبية ولم يقبل أى خبر أو أى صياغة منسوبة لمصدر مجهول من وسيلة إعلام مصرية.. قد تقول لى إن الأمر يتعلق بمدى ثقة الشارع فى وسائل الإعلام المصرية، ولكن عزيزى القارئ، لكى لا أخفى عليك، لا تعول كثيرا على مهنية وسائل الإعلام الأجنبية، لأن «رويترز» وقعت فى فخ كبير، وأرادت أن توقعنا نحن فى هذا الفخ، ولمزيد من التحليل فى واقعة «رويترز»، عليك أن تدرك أن أغلب الصحف الأجنبية ووسائل الإعلام الأجنبية لا يحركها فقط ركائز المهنية الصحفية أو جوانب التغطية الإخبارية، ولكن يحركها أيضا الهوى وتوجهات الدول المالكة وفق مصالحها فى المنطقة.
وللتأكيد.. تعالوا نراجع ماذا فعلت وكالة رويترز الشهر الماضى مع مصر، وكيف تناولت الشأن الداخلى، ستجد أن «رويترز» بثت 13 خبرا عن مصر فى مقابل خبر واحد عن تركيا، دون أى إشارة عن قطر فى أى خبر، رغم أن تركيا تعانى موجة تفجيرات ومظاهرات الفترة الأخيرة، ورغم أن قطر نفسها أيضا تعانى من فضيحة الرشوة للفوز بتنظيم كأس العالم.
حتى القرارات الاقتصادية المهمة التى اتخذها البنك المركزى، وبعيدا عن موقفنا منها، ولكن فى منطقيتها مع القرارات العالمية، فقد أشادت عدد من المؤسسات العالمية الاقتصادية بقرارات البنك المركزى، وبالتالى عدد من الوسائل الإعلامية الأجنبية إلا «رويترز»، سبحان الله، وكأن مصر لم تتخذ قرارات اقتصادية، وكأن مصر لم تسع للحفاظ على الاقتصاد أو الجنيه المصرى، سواء حالفها التوفيق فى ذلك أو انتهت بأخطاء!!
الأصل أن علاقة الصحافة الأجنبية بنا ليست علاقة خالصة يربطها فقط معايير المهنية، ولكنها علاقة معقدة، تمثل المصالح الدولية طرفا أصيلا فيها، وتؤثر فيها بشكل أساسى، وتكون سببا فى توترات دائمة بأخبار مغلوطة وتصريحات غير صحيحة وروايات خارج المنطق فى أوقات زمنية صعبة، ورجائى من كل الزملاء الصحفيين اتخاذ الحذر من المعالجات الصحفية للمواقع ووكالات الأنباء الأجنبية، ومراعاة الدقة فى النقل والبحث وراء صحة المعلومات المنتشرة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الدكتور خيرى أبو المعاطى
و ماذا قالت لك تلك المهنية الضائعة ! ألم تثبت لك شيىء ! هل ما حدث كان صدفة !! أم ترتيب مسلسل !!