كمال حبيب

حوار مع شاب يريد الانضمام لداعش

الإثنين، 25 أبريل 2016 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شاب صغير السن من مواليد 1999، فى وجهه بساطة وملاحة وبشر، فيه براءة الشباب الذى يغادر مرحلة الصبا، لديه أصدقاء على الفيس بوك يحدثونه عن السفر إلى سوريا، كلمنى بشأنه صديق متخصص فى الطب النفسى، ثم لم يلبث أن حدثنى قريب له بشأنه وقال لى إنه ابن أخته. رحبت بزيارتهم لى فى البيت، وحين جاء الشاب كان صامتا طول الوقت، ولكنى سألته ماذا قرأت فى كتب العقيدة فقال لى لم أقرأ سوى كتاب «الأصول الثلاثة» لمحمد بن عبدالوهاب، وهو أقرب لكتيب صغير قرأته منذ كنت شابا يافعا، ولما عدت إلى الكتاب لأراه وجدته كتابا سهلا بسيطا ميسرا لا يبدو فيه الجدالات الكبرى لدعوة ابن عبدالوهاب.

الشاب الحائر الذى لم يجاوز السنة الثانية من الثانوية، يبحث عن الشهادة وكأنها غاية فى ذاتها، ويريد أن يقدم نفسه ضحية بلا ثمن لأوهام يظن أهمها أنه يحقق أمر الله، وأنه يريد الجهاد فى سبيل الله.

قلت له هل لك إخوة؟، قال لى أخوات ثلاث بنات!!، فقلت له كن ردءًا لأخواتك فهن محتاجات لك أن تكون إلى جوارهن بدلا من أن تكون إلى جوار مجاذيب ودراويش أبوبكر البغدادى.

قلت له كيف ستبايع أميرا أو خليفة لم تره، فالبيعة للإمام أن يكون معروفا ظاهرا للناس اجتمع غالبهم وجمهورهم عليه، فكيف بإمام يدعى الإمامة والخلافة رغما وغصبا عن الأمة كلها، وهو ليس مبسوط اليد والسلطان على ما يزعم أنه خلافته، بدليل تخفيه وعدم إعلان مكانه، كما أن قادة هذا التيار المعروف بالسلفية الجهادية لا يقرون له بالبيعة أو الخلافة المزعومة، مثل أبومحمد المقدسى الأردنى، وأبومصعب السورى، وأبوقتادة الفلسطينى، ومثل المجموعة التى انشق عليها أصلا وهم مجموعة تنظيم القاعدة.

أزمة ذلك الشاب الذى يريد أن يذهب إلى تنظيم داعش للانضمام إليه تاركا خلفه أمه وأباه وأخواته هى نفس أزمة الشباب المتمرد من منظورات أخرى ليست دينية، كالشباب الذى يتمرد عبر قضايا عدمية مثل الإلحاد، وعدم يقينه فى أى حقيقة ثابتة، بما فى ذلك الإيمان بالله الذى هو فطرة الله التى فطر الناس عليها.

الأزمة تكمن فى نظام التعليم فى مجتمعاتنا، وهو نظام يقوم على التلقين والحفظ، ويقوم على تفكير خطى أحادى بسيط لا يعرف معنى العمق أو رؤية الظواهر وفهمها فى تجلياتها وأبعادها المتعددة، كما أن غياب الأنشطة فى النظم التعليمية مثل الموسيقى والرسم والقراءة الحرة، واللعب بالصلصال، والرحلات، وحصص المكتبات، وعدم التعرض بالتعريف التاريخى للظواهر، وهو ما يطلق عليه فلسفة العلوم، خاصة فى المراحل ما قبل الجامعية مباشرة أو فى المراحل الجامعية.

ولا يغيب عن الأذهان ممارسة العلاقة الأبوية ذات الطابع المستبد من جانب القائمين على العملية التعليمية الذين يثيرون معانى الخوف أكثر من معانى التشارك والتقارب، ولا تعرف مدارسنا على الإطلاق اكتشاف المواهب والتعرف على الميول والتوجهات والتقاطها وتوجيهها نحو المسارات الخلاقة لها فى المستقبل، كما أن ممارسة المشاركة فى العملية التعليمية التى تقوم على تعلم الديمقراطية من خلال مجالس الآباء ورعاية تمثيل الطلاب فى الإدارة، كل ذلك يولد لنا أجيالا مستعدة للتطرف، أو مهيئة له، سواء على مستوى الذهاب لداعش، أو الذهاب للاستبداد وفرض الرأى، أو على مستوى التمرد الإلحادى العدمى.

حين يفتقد الشاب المصرى ملكة القدرة على تقليب الأفكار ووزنها حين يتداولها مع أصدقائه فإنه يصبح نهبا للمجموعات التى تبهره على الإنترنت، أو على المقاهى، بعيدا عن أسرته وأهله، الحل فى مراجعة حقيقية لنظام التعليم فى مصر الذى تعرض للتخريب، ولا يبدو الحديث عن تطويره حديثا يملأ العين أو يريح الضمير.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة