هل تجرى الدولة مراجعة مع شباب السجون؟.. قبل أسبوعين قال الجيش النيجيرى، إنه سيفتتح خلال هذا الشهر معسكرا لإعادة تأهيل التائبين من أعضاء جماعة بوكو حرام «الإرهابية». وقال الجنرال ربيع أبو بكر، المتحدث باسم الجيش النيجيرى، إن أكثر من 800 مقاتل سيخضعون لإعادة التأهيل فى هذا المعسكر، واصفاً هذه المهمة بأنها «لن تكون سهلة»، معتبراً «إقامة هذا المعسكر هى أفضل وسيلة لإعادة تأهيل المقاتلين الذين استسلموا أو أسروا».
بوكو حرام، هو اسم محلى يعنى «التعاليم الغربية حرام»، وهى جماعة مسلحة تتبنى العمل على تطبيق الشريعة الإسلامية فى جميع ولايات نيجيريا، وفى 12 مارس 2015 قبلت داعش بيعة بوكو حرام التى سبق وأعلنت بيعتها للتنظيم الإرهابى، ووفقاً لتقديرات المخابرات الأمريكية «CIA» فإن الجماعة تمتلك ما بين 4 و6 آلاف مقاتل، يخوضون صراعا عسكريا داميا منذ سنوات مع الحكومة النيجيرية بهدف «إنشاء دولة إسلامية»، وامتدت أنشطة الجماعة إلى الدول المجاورة، خاصة الكاميرون والنيجر، وهو ما دفع الاتحاد الأفريقى للتدخل وإقرار خطة لتشكيل قوة مشتركة لمواجهة «بوكو حرام»، وتضم هذه القوة 7500 جندى من نيجيريا وتشاد والكاميرون والنيجر وبنين، كما تبنى مجلس الأمن الدولى دعوة للتنسيق العسكرى الإقليمى فى أفريقيا لمحاربة جماعة بوكو حرام، وطالب بـ«تعاون أكثر فعالية» بين دول غرب ووسط أفريقيا.
معسكر إعادة تأهيل التائبين فى نيجيريا هدفه، كما قال المتحدث باسم الجيش النيجيرى، الحد من التطرف وإعادة التوجيه والاندماج فى المجتمع، ومن المتوقع أن يحصل هذا المعسكر على دعم أفريقى وغربى أيضاً، وقد ينظر إليه باعتباره خطوة أولى مهمة لمواجهة الإرهاب والتطرف فى أفريقيا.
ونشرت صحيفة ديلى تليجراف البريطانية السبت الماضى دراسة أعدها مركز الدراسات الدينية والجغرافيا السياسية، كشفت أن قادة التنظيمات الإرهابية القادمين من دراسة العلوم والمواد العلمية أكبر بضعفين عن نظرائهم الذين درسوا الشريعة أو مواد متعلقة بالدين فى الجامعات، مع الإشارة إلى أن المقاتلين البريطانيين فى صفوف هذه الجماعات هم الأقل معرفة بأمور الدين.
وقالت الدراسة المسحية، إنها حللت المعلومات المتوفرة عن نحو 100 من أكبر قادة من هذه الجماعات خلال العقود الثلاثة الماضية، ووجدت أنه رغم ادعائهم بأنهم يعرفون خفايا الشريعة الإسلامية إلا أنهم لم يحصلوا إلا على قليل من الدراسة فى هذا الباب، وطرحت الدراسة اسم أسامة بن لادن الذى تقول إنه درس فى مدرسة علمانية ثم درس الاقتصاد وإدارة الأعمال فى الجامعة، ولم يحصل على درجة علمية رسمية فى علوم الشريعة.
نتائج هذه الدراسة تتطابق مع الوضع فى مصر، فكثير من القيادات التى انضمت للتنظيمات الإرهابية لم تتلقى علوماً شرعية، فهم خريجو كليات مدنية، اكتسبوا العلوم الشرعية من من قراءة الكتب والندوات والجلسات الدينية بالإضافة تأثير بعض الشخصيات فى التيار الدينى على شباب الجامعات وقتها.
المعسكر النيجيرى لتأهيل التائبين ونتيجة الدراسة المسحية البريطانية، تقودنا إلى طرح فكرة المراجعات مرة أخرى مع الشباب الذين انخرطوا ضمن جماعة الإخوان الإرهابية، وبقية الجماعات التى ترتبط فكرياً بالإخوان، فعلينا أن نعترف بأن غالبية هؤلاء الشباب كانوا ضحية أفكار مغلوطة ومشوشة عن الدين، استقوها من قيادات الجماعة الإرهابية، وأن تركهم فى السجون دون مراجعة لهذه الأفكار سيزيدهم تشدداً، خاصة أن السجن سيسمح لهم بالطبع بالتعامل مباشرة مع القيادات الإرهابية التى ستحاول بشتى الطرق تثبيت هذه الأفكار المغلوطة فى عقول الشباب.
لا أعرف كيف تسير الأمور داخل السجون المصرية، وهل هؤلاء الشباب منعزلين عن القيادات الإرهابية أم هناك تواصل بينهم، لكن المؤكد أننا بحاجة لتفكير جديد نصحح من خلاله مسار هؤلاء الشباب بدلاً من تركهم ضحية لجماعة ويجب على وزارة الداخلية بعلماء الأزهر، خاصة من الشباب أمثال الدكتور أسامة الإزهرى ليحاولوا إطلاع هؤلاء الشباب على صحيح الدين، ويفتحوا حواراً معهم داخل السجون.