لماذا تتسلح قطر؟

لماذا تتسلح قطر؟.. على الأراضى القطرية هناك قاعدتان عسكريتان مملوكتان للولايات المتحدة، قاعدة العديد الجوية التى انطلقت منها الطائرات الأمريكية لضرب العراق فى 2003، وقاعدة السيلية التى تستخدمها القيادة المركزية الأمريكية كمقر لإمداد وتهيئة المعدات العسكرية واللوجيستية اللازمة للاستخدام فى العراق وأفغانستان، وبعد عامين سينضم إليهما قاعدة ثالثة، لكنها هذه المرة ليست أمريكية، وإنما تركية.

وزير الدفاع التركى عصمت يلمظ، قال إن القاعدة الجوية التركية التى يجرى بناؤها حاليا فى قطر ستصبح جاهزة خلال عامين، وستكون أول منشأة عسكرية تركية فى المنطقة بعدما صادق البرلمان التركى على صفقة بناء القاعدة، معتبراً الصفقة جزءا من اتفاق دفاع أبرمته قطر وتركيا فى أواخر 2014 يتيح الاتفاق فى مجالات التدريب العسكرى ونشر القوات التركية المسلحة على الأراضى القطرية.

بالتوازى مع ذلك، وقعت قطر صفقة مع فرنسا لشراء 24 طائرة مقاتلة من طراز رافال التى تصنعها شركة داسو بقيمة 6.3 مليار يورو أى 7 مليارات دولار، وهو الاتفاق الذى يشمل أيضاً تدريب فرنسا لـ36 طيارا قطريا ونحو 100 مهندس ميكانيكى، إضافة إلى ضباط مخابرات قطريين، وبعد هذا الاتفاق وقعت قطر أيضاً على هامش معرض ومؤتمر الدوحة الدولى للدفاع البحرى «ديمدكس 2016»، الشهر الماضى، 10 مذكرات تفاهم لتسليح وتطوير القوات المسلحة القطرية، مع عدد من الشركات العالمية فى مجال التصنيع الحربى، بتكلفة تصل لحوالى 3.6 مليار ريال قطرى، وشملت هذه المذكرات توقيع مذكرة تفاهم لشراء منظومة دفاعية «بطاريات ساحلية» بين القوات البحرية الأميرية القطرية وشركة «إم بى دى إيه» الأوروبية بمبلغ مليارين و640 مليون ريال قطرى، كما تم توقيع مذكرة تفاهم مع شركة «دبليو كيه كيه» البولندية، حيث قامت القوات المسلحة القطرية بشراء 51 % من أسهم الشركة المتخصصة فى تصنيع مواد «الكومبوزت» وإنتاج أجزاء من هيكل الطائرة، ومذكرة تفاهم لمشروع تصنيع وإنتاج طائرات «Q01 — 100» مع شركة ألمانية بمبلغ 365 مليونا و400 ألف ريال قطرى، بالإضافة إلى مذكرة تفاهم لشراء مجموعة صواريخ «إكسوزيت» مع شركة «إم بى دى إيه» الأوروبية بمبلغ 240 مليون ريال قطرى.

كما تضمنت الصفقات مذكرة تفاهم لمشروع شراء رادارات «سيرش ماستر» بين لجنة تسيير مشروع طائرة دون طيار وشركة «تاليس» الفرنسية بمبلغ 60 مليونا و896 ألف ريال قطرى، إلى جانب مذكرة تفاهم لمشروع بين القوات البحرية الأميرية وشركة «إم تى يو» الألمانية بمبلغ 95 مليون ريال، ومذكرة تفاهم لتوفير عقود التدريب لطيارى الهليكوبتر والمقاتلات مع شركة «دى سى آى» بمبلغ 32 مليون يورو، ومذكرة تفاهم لتوفير العقد الدوار لطائرات سى — 130 بين القوات الجوية الأميرية القطرية وشركة «لوكهيد مارتن» الأمريكية بمبلغ 50 مليون ريال قطرى.

نتحدث الآن عن ثلاث قواعد عسكرية أجنبية، وقدرات تسليحية عالية، مقارنة بجيش لا يتعدى تعداده الـ12 ألف فرد، ينقسمون إلى 8,500 مشاة و1,800 فى القوات البحرية و1,500 بالقوات الجوية، وهو ما يشير إلى وجود أمر ما تستعد له قطر، أو على الأقل تجهز له، قد لا يكون متعلقا بأمنها المباشر، لأن القواعد الأمريكية كفيلة بحمايتها من أى اعتداءات خارجية، لكن يبدو أن الدوحة تفكر فى خوض غمار عمليات عسكرية خارج حدودها، أو على الأقل أستخدام هذه الصفقات لدعم جبهات وميليشيات تخضع لأوامر من قطر، ومعروف أن فى لبنان وسوريا وليبيا جماعات تلقى دعماً عينياً من الدوحة. الغريب أن كل هذه الصفقات جرى الحديث عنها وتوقيعها فى حين تواجه قطر، التى تعد عملاق النفط فى الخليج، أزمة اقتصادية طاحنة، وهو ما تحدث به وزير المالية القطرى، نهاية العام الماضى بقوله، إن من بين الخيارات المطروحة لمواجهة عجز الموازنة؛ فرض ضرائب جديدة وتحصيل رسوم بعض الخدمات.

وأثرت الأزمة الاقتصادية فى قطر على قناة الجزيرة، التى قررت الاستغناء عن 1000 عامل، من بين 6000 من موظفيها، كما أن قرار تقليص النفقات وصل إلى عدد من الشركات العملاقة، على غرار «قطر غاز»، كما شملت خفض النفقات مشروعات فى مجالات التنمية، وبرامج ثقافية ومخصصات للتعليم والمواصلات، والمشاريع الخاصة باستضافة نهائيات كأس العالم 2022، كما رفعت الدولة سعر البنزين بأكثر من 30% فى يناير الماضى، لمواجهة العجز، وطبقت الزيادة بعد ساعات من الإعلان عنها.

تحركات مريبة من جانب قطر، يبدو أنها تحتاج للكثير من البحث للوصول إلى إجابات على الأسئلة المطروحة.