التابع والمتبوع والمشهور
قد يصاب البعض بالمفاجأة إذا عرف أن %5 فقط، يقودون مواقع التواصل الاجتماعى ويطرحون أفكارا جديدة، و%95، يعيدون نشر أو ترديد ما ينشره القادة. ويمشون وراءه، ويعجبون به. حتى من بين الخمسة وتسعين بالمئة، لا يوجد أكثر من %20 فقط يتخذون مواقف بناء على قراءة الموضوع أو مشاهدة الفيديو، والباقى يحكم من العنوان، أى إنه يسير خلف الخمسة فى المئة.
هذه خلاصة استطلاعات رأى وأبحاث تناقش كيفية تشكيل الوعى الافتراضى. وهى دراسات لا تشغل كثيرين من خبراء ينشغلون بتنظيرات وهمية عن المهنية والأخبار وتطوير الإعلام، ويتجاهلون القضية الرئيسية. وهى أن التحكم فى الرأى لم يعد فقط من أدوات الإعلام التقليدية. وبعض المنشغلين بنظريات الإعلام، هم أنفسهم يستهلكون ويرددون التقارير والعناوين، بل وكثيرا ما يكونوا ضحايا للتقارير المزيفة.
التى أصبحت طريقا مهما لصراعات وحروب باردة تتجاوز قدرات الفرد العالمى نفسه. وبعضهم ضحايا رغبتهم فى الشهرة، والظهور كزعماء، فى وضع يصعب التمييز فيه بين الفاعل والمفعول به.
ولهذا وكوننا أمام فريقين كل منهما يكفر ويخون الآخر، لا نتحدث عن أغلبية، لكن عن أقطاب تتصدر الصورة. تطلق «بوست»، يصل إلى أحد النجوم، وخلفه عشرات ومئات يعيدون النشر ثقة فى الشهرة، وليس فى الكلام. وبالتالى فإن تحول عدد من المعتدلين إلى شتامين، يتهمون بعضهم وغيرهم، يصورهم أنهم زعماء وفاعلون وقادة، بينما هم غالبا مجرد قنوات توصيل، يتم الرهان على عصبيتهم وغياب أى ملكات نقدية. من خلال دراسة واضحة لمطالب ومشاعر، وما يحب المستخدم وما يكره.
وخلال الفترات الماضية كان هناك بعض ممن اشتكوا من أن الواحد منهم يبحث عن معلومة أو شخص أو موضوع، ويفتح صفحة فيس بوك فيجد بوستات وعناوين تتناول الموضوع، حتى لو كان صنع كيكة أو فائدة لمشروب أو طعام أو شخصية سياسية.
ورصد البوستات المتصلة بالموضوع والتى تساهم فى مضاعفة الغضب، خاصة وهناك إمكانية نشر موضوعات مزيفة باعتبار أن «تشيير الكفر ليس كفرا». والبعض اندهش من أن «فيس بوك» يعرف مزاجه وما يريده، بينما كل هذا واضح من نوعية اللايكات التى تحدد اتجاهات الشخص. وما يحبه من أفلام أو روايات أو سياسة أو فكاهة.
وكلما كان المواطن مندمجا فى نزاعات «البوستات الأصلية والمضادة» كان جزءا من زوابع تأخذ شكل الحروب، حيث الشتائم المتبادلة لا تصنع رأيا ولا وعيا. من يتفق يردد و«يشير» وراء زعمائه، ومن يختلف يشتم، والنتيجة مجرد تفريغ غضب أو شماعة. مفعول بهم، ضمن مسرح عرائس، لا يظهر فيه أحد.