أحمد إبراهيم الشريف

ازدراء الأديان

الأحد، 03 أبريل 2016 09:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يملك الإنسان لتصريف حياته احتمالات متعددة منها الجيد ومنها السيئ، لكن يظل أسوأها على الإطلاق هو أن يترك أموره معلقة دون حل، وحينها تتفاقم المشكلات حتى تصبح جزءا أساسيا فى حياته، وهذا بالضبط ما يحدث فى طريقة معالجتنا لما يسمى بتهمة ازدراء الأديان، بداية يجب أن نحدد أن احتمال مطاردة هذه التهمة لأفراد الشعب مرتفعة جدا، وليس لها علاقة بالمثقفين فقط، فهى أمر يهدد كل إنسان، وربما يضعه فى السجن، سواء قصد ذلك أو لم يقصده، بدليل أن هناك من اعتذر وحاول تفسير الأمر، مثل فاطمة ناعوت التى رفضت الاتهام، وأكدت أنها لا تقصد ما فهمه الناس، لكن المجتمع لم يتقبل هذا الاعتذار وتم تقديمها للمحاكمة.

مثل هذه القوانين ليس لها علاقة بتنظيم المجتمع كما يتخيل البعض، بل على العكس، عادة ما يكون أثرها إحداث نوع من البلبلة غير المطلوبة فى الشارع، لذا وجب تغيير هذه القوانين والبحث عن سبل أخرى فكرية لتجعل الجميع يحترمون عقائد الآخرين، ولا يقللون منها أو يتعرضون لها بالسوء.

ولما كان الدستور المصرى ينص على احترام الحريات، ويمنح حق التعبير عن الرأى لجميع طوائف المجتمع، صار لزاما على البرلمان المصرى أن يناقش تهمة ازدراء الأديان وأشباهها مثل قضايا النشر وغيرها، وأن يجعل ذلك من أولوياته، لا أن يخرج علينا بعض الأعضاء بتصريحات تؤكد أن جلسات البرلمان مشغولة بأمور أخرى الآن، ولن تناقش مثل هذه القضايا فى هذه الفترة.

وعلى البرلمان معرفة أن هناك قضايا تفرض نفسها وتختار وقتها، وليس لها أن تنتظر دورها حسب جدول الأعمال، لأن مثل هذه المشكلات إن ظلت دون حسم كان مردودها كارثيا على المجتمع، لأنها تعود بنا إلى زمن التفتيش، وما حدث فيه من إظلام فكرى وثقافى وعلمى، وذلك يدفع الناس للخوف من الخوض فى الإشكاليات التى لها علاقة بالدين حتى الجانب التفسيرى الذى هو نتاج بشرى يحتمل الاختلاف معه.

وفى البرلمان هناك بعض الأعضاء الذين نراهن عليهم وعلى قدرتهم فى شرح خطورة هذه القوانين لباقى النواب، ومنهم الكاتب الروائى يوسف القعيد والمخرج السينمائى خالد يوسف وغيرهما،لأننا نتوقع فى المقابل مواجهة شديدة لإلغاء هذه القوانين من قبل كثيرين من أعضاء البرلمان، الذين يظنون أنهم بهذه الطريقة يحمون الدين متجاهلين أن التاريخ الدينى يؤكد أنه عبر الزمن تعرض الدين لأكثر من ذلك مليون مرة ولم يتأثر، خاصة فى أزمنة التسامح، بل على العكس كان يخرج من هذه المواقف منتصرا.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة