هنيئاً لنا.. فقد تخلصنا من جميع مشاكلنا وقضينا على الإرهاب والمشكلات الاقتصادية، وانتهت البطالة وتم تحسين الدخل وأصبحت علاقاتنا الخارجية زى السمن على العسل مع الجميع بلا استثناء، وانتهى وجود التنظيم الإرهابى الإخوانى وأذياله، ولم تعد هناك مشاكل تواجهنا سوى تلك الآراء المتطرفة التى تزدرى الدين!.
فهيا بنا جميعاً نتفرغ للنيل منهم، ارفعوا عليهم قضايا واخرسوا أصواتهم واحجروا على أفكارهم، إن قررت يوماً التمرد على القوالب الجامدة الراسخة على قلوب وعقول البشر مئات السنين، كما لو كان التفكر الذى أمرنا به الله فى الكتاب أصبح حرام !"أفلا تتدبرون القرآن".
بكل أسف ما وصلنا إليه فى القرن الحادى والعشرون وفى ظل كل هذا التقدم والانفتاح على العالم وتطور الفكر وتقدم العلم ما هو إلا تراجع يعكس حالة الضحالة والسطحية التى أصابت مجتمعاتنا العربية والمسلمة تحديداً .
وكأن العالم بأسره يسير فى وادٍ ونحن فى وادٍ آخر معاكس يعود بنا سنوات للخلف دون قدرة على التوقف وتصحيح المسار !
فما زلنا نقف عند توافه الأمور ونترك عظائمها، فبدلاً من أن تصب كل مجهودنا على كيفية النهوض بمجتمعاتنا ودفعها بقوة لتلحق بآخر عربة من عربات التطور والحداثة، كرسناها جميعها للخلافات الحادة على كل المستويات، خاصة على مستوى الدين الذى تحول إلى مسرحاً لاستعراض الفتاوى الفارغة والجهل الكبير بجواهره الأساسية والتشدد فى الحديث عن القشور الهشة التى ألصقها به بعض السلف وليس كله !
حيث أصبحت هناك موضة جديدة لأشخاص قد قتلهم الفراغ وأدمنوا الأحاديث والاستضافات فى برامج التوك شو المملة على القنوات المختلفة التى لا حصر لها، فتبنى بعضهم قضية ملاحقة كل من تسول له نفسه أن يعبر عن آرائه بحرية أو يجتهد فى محاولة مشكورة لتجديد بعض الأفكار العقيمة لربما نتخلص من التشدد والفتاوى البالية غير المنطقية !
وفى حبس إسلام البحيرى وأخيراً تأييد حكم حبس الكاتبة الصحفية فاطمة ناعوت مسببات تحويلهم إلى أبطال أمام الرأى العام قد تم ذبحهم معنوياً، بل وأضافت إليهم تلك الضجة المفتعلة ولم تنقص منهم، حتى وإن كانوا فى حقيقة الأمر لا يستحقون هذه البطولة !
فإن كان ما يخرج عن البعض قد يسئ بشكلٍ أو بآخر للدين، فما يحدث الآن من رد فعل تجاه ذلك هو الأكبر إساءة والأعظم ذنباً !
حيث إن هذا الشرود فى الآراء الذى ربما يكون خطأ حقيقيا، يحتاج إلى رجل دين قوى الحجة، هادئ الطباع حسن الخلق والقول مثلما كان الشيخ الجليل محمد متولى الشعراوى رحمه الله ليحبط أى تطاولات قد تكون خاطئة بالبرهان لا بالصراخ ورفع القضايا والملاحقة القانونية !
أهذا كل ما يشغل بالكم؟ ألم تقم ثورة لتتمرد على القمع ومصادرة الرأى وكبت الحريات التى عانينا من تبعاتها زمن طويل؟
ألم نتعلم حتى الآن ثقافة الاختلاف الذى لا يفسد قضية الود فيما بيننا، بل ربما يثرينا ويغنى أفكارنا ويوسع آفاقنا التى ضاقت بما فيه الكفاية، بحيث لم تعد تتسع لترى الآخر وتحترم وجهة نظره سواء كانت مؤيدة لها أو مختلفة معها؟
بنى وطنى.. فلنعلو معا على توافه الأمور لنتفرغ لما هو أولى بالاهتمام والتركيز لعل الله يجعل لنا من بعد عسرٍ يسرا .
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
طاهر
فكر راق يا استاذة دينا ... لكن
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد المصري
جادلوهم بالتي هي أقوم
أفلا يتدبرون القرآن أحسنتي يا أستاذة
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد الرزاز
ما يبنية الرئيس يهدمة عفن التراث