نفس الحدث، كل منهما رآه من زاوية ومن موقعه، أماّ الأول فكان منغمسا بداخل الحدث، جزء منه أو أحد مكوّناته وعناصره المتفاعلة مع بعضها البعض، فلم يرى إلاّ ما سمحت به زاوية الرؤية ومساحة الحركة المتاحة لديه .
أمّا الثانى فكان بعيدا وإن شئنا الدقة كان يتبوأ منصّة عالية يُطلّ منها على الحدث، فرآه بشمولية لم تُتح لغيره ورأى ما لم يراه الباقيين القابعين بالأسفل أو المشتركين بالحدث
كل منهما كان يُقسم غير حانث وعن يقين أنه صادق وأن ما رآه هو عين اليقين
لكن، كل منهما كان على صواب وخطأ فى ذات الوقت، فالمشارك بصنع الحدث رأى جزء يسيرا مما يحدث، لكن يُحسب له أنه أحد صُنّاع الحدث والقائمين عليه، بينما الآخر، من عليائه رأى كل شيء، لكنها رؤية المتلقى للحدث كما هو، تكمن وظيفته فى توثيق ما رآه دون أن يملك قدرة على صنعه أو تغييره أو المشاركة فيه فعلا..
تا الله إنها لمعضلة، فعشرات الآلاف من الحوادث والمواقف التى تحدث بعيدا عنّا ونراها فقط كنتائج، بمرور الوقت يختلط علينا الأمر فنجزم أننا كّنا أحد عناصرها الفاعلة.
ونقع فى فخ مُحكم صنعناه بعقولنا "وهم اليقين" أن نؤمن باليقين المطلق فيما يحدث، متجاهلين أن كل شيء نسبى فى نشأته وتطوره وقياسه، وأنه من المستحيل أن نقيس حدث على استقلال دون أن نقرنه بآخر.
شخص يفكر - أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة