ماذا بعد زيارة العاهل السعودى؟.. العاهل السعودى الملك سلمان بن عبدالعزيز فى القاهرة، قد يكون خبرا عاديا من وجهة نظر البعض، لكنه فى الحقيقة خبر يحمل أكثر من دلالة، فهذه هى الزيارة الرسمية الأولى للعاهل السعودى لمصر منذ توليه مقاليد الحكم فى المملكة، فقد سبق أن زار مصر لكنها كانت لرئاسة وفد السعودية فى القمة العربية التى عقدت بمدينة شرم الشيخ فى مارس 2015.
الزيارة مهمة وتاريخية أيضاً لعدة أسباب، فكثيرون نظروا إليها من زاوية الاستفادة الاقتصادية التى ستعود على مصر بعد الإعلان عن ضخ استثمارات سعودية جديدة على هامش الزيارة، لكن ما يهمنى ويهم الكثيرين ليس ما سيتم الإعلان عنه، لكن دلالة الزيارة نفسها التى جاءت فى وقت كثرت فيه الشائعات عن توتر وسحب وغيوم فى العلاقات بين القاهرة والرياض، بل هناك من حاول الاجتهاد، وقال إن العلاقة وصلت إلى طريق مسدود بسبب الخلاف البينى بين الجانبين حول ملفات ثنائية وإقليمية كثيرة، منها على سبيل المثال الخلاف بين مصر والسعودية حول سبل الحل فى سوريا واليمن، بل إن هناك من حاول سكب الزيت على النار بترويج شائعات هدفها تدمير العلاقات، لكن كانت المفاجأة أن العلاقة زادت قوتها وتماسكها عما كانت فى الماضى، والسبب معروف للجميع، وهو أن على رأس قيادة البلدين شخصيتان يؤمنان بأهمية مصر والسعودية فى الإقليم المضطرب الذى يشهد صراعات وتنافس وتنازع بين قوى أقليمية ودولية، فضلاً عن انتشار لجماعات إرهابية تحاول فرض يدها على المنطقة.
المؤكد أن هناك تناغما وتفاهما واضحا بين الرئيس عبدالفتاح السيسى والملك سلمان، فرؤيتهما متقاربة بل متطابقة فى الكثير من الملفات والأزمات، حتى إن وجد خلاف فى ملف أو اثنان، فهو فى وجهات النظر وليس فى السياسات، ولم يؤثر على العلاقات الممتدة بين البلدين، التى لم ولن تتأثر بمثل هذه الشائعات.
المؤكد أيضاً أن أى لقاء بين قيادتى مصر والسعودية هو مناسبة تحظى بالمتابعة والتحليل ليس داخل البلدان فقط، وإنما فى الإطارين اللإقليمى والدولى، لما تمتلكه الدولتان من مكونات القوة والتفوق فى مجالات مختلفة، فالقاهرة والرياض هما الآن الأكثر قدرة عسكرية وقوة سياسية، حتى وإن كان هناك تفاوت كبير بين اقتصاد البلدين.
الزيارة بالطبع تقطع كل الألسنة التى حاولت التصيد لإعطاء انطباع بوجود خلافات تهدد العلاقة بين البلدين، وأذكر هنا تحديدا الإخوان والموالين لهم، فهم حاولوا بعد 30 يونيو ضرب العلاقة بين القاهرة والرياض، لكن فى كل مرة تخرج العلاقة بينهما أقوى مما كانت فى الماضى، لأن الدولتان يدركان أهمية استمرار التعاطى بينهما فى كل الملفات.
هل تتخلى السعودية عن مصر؟.. «أمن مصر من أمن المملكة»، هو ما يؤمن به العاهل السعودى الملك سلمان بن عبدالعزيز الذى حرص منذ توليه مقاليد الحكم، على استمرار تكامل العلاقات السعودية - المصرية، وتأتى زيارته الرسمية الأولى لمصر تتويجاً لهذه العلاقة بين البلدين الشقيقين، وامتداداً لسياسة التقارب والإخاء بين البلدين منذ عقود، وامتداداً للمواقف التى تم الإعلان عنها فى إعلان القاهرة التاريخى الذى صدر فى الثلاثين من يوليو 2015.
وزادت قوة وصلابة العلاقة بين القاهرة، أو بمعنى أدق ظهرت مدلولاتها بعد ثورة 30 يونيو عام 2013، حيث وقفت الرياض بقوة منددة بتذبذب المواقف الدولية من مصر، وكرست المملكة سياستها الخارجية، لحث الحكومات الغربية على الاعتراف بشرعية ثورة 30 يونيو وخارطة الطريق والاستحقاقات الثلاث التى تم إعلانها فى الثالث من يوليو 2013، التى تمت بنجاح لتُخرج مصر من الفترة الانتقالية إلى الاستقرار السياسى، ولا ننسى المواقف الصلبة والقوية من جانب قيادات المملكة سواء من العاهل السعودى الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أو وزير الخارجية الراحل الأمير سعود الفيصل، وما قام به بعد ذلك الملك سلمان لتأمين العلاقات المصرية السعودية، ومواجهة أى طارئ يحاول النيل من هذه العلاقة، وهو ما يؤكد أن هذه العلاقة قائمة ولن تتعرض أبداً لما يؤثر عليها سلباً مهما حدث.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة