مهرجان على ضفاف النيل
يعيش العالم كله، فى الآونة الأخيرة، حالة من التوتر بسبب الظروف الأمنية السيئة فى كل مكان، وذلك بعد قدرة الإرهاب على الوصول إلى قلب أوروبا، وقدرته على ضرب فرنسا وبلجيكا، مما صنع نوعا من عدم الثقة بين الجميع، كذلك كانت الظروف الاقتصادية السيئة فى كثير من البلاد سبب صبغ كل شىء بالتوتر، كما أن التغيرات السياسية المتوقعة فى كثير من دول العالم ألقت بظلالها الرمادية على هذه الأرض، ومع ذلك ما زالت هناك بلاد قادرة على ممارسة الصداقة والحب مع الدول الأخرى ومن ذلك الهند، ففى الفترة ما بين 23 إبريل و7 مايو المقبل تنظم سفارة الهند مهرجان «الهند على ضفاف النيل» فى دورته الرابعة، والجديد أن الاحتفالية سوف تتوسع لتشمل 6 محافظات هى القاهرة والإسكندرية وبورسعيد والإسماعيلية وشرم الشيخ وبنى سويف.
أصبح البحث عن صديق وحليف فى العالم نوعا من المعجزات، يحتاج سياسات عدة أقلها الوعى بذلك، مرورا بالمحافظة على هذا الحليف ونشاطه، خاصة لو كان هذا النشاط ذا طابع ثقافى، لأن النشاط الثقافى يعطى دلالة الاستقرار وقدرة البلد على الاستمتاع والتذوق للفنون المقدمة، لذا فإن الهند بإقامة هذه الفعالية فى مصر هى شهادة منها بأن مصر بلد آمنة، وبها استقرار يسمح بإقامة فعاليات ثقافية وفنية فى محافظاتها المختلفة، لذا فشكرا للهند على هذا الأمر.
ثم يأتى دورنا نحن لنستفيد من هذه الفعاليات وغيرها، وليس المقصود بالاستفادة أن نذهب جميعا للمشاركة فى الأنشطة التى يقدمها مهرجان الهند على ضفاف النيل فقط، لكن الأهم هو كيف يعرف العالم كله أن الهند تقيم مهرجانا فنيا وثقافيا فى مصر، وأن هذه هى دورته الرابعة، وأنه أصبح أكثر اتساعا من الدورات السابقة، بما يعنى أن الحركة فى مصر آمنة، وأن الفن مقبول وله مساحة مناسبة، وأن مصر تتقبل الثقافات المختلفة والمتنوعة، وليست أحادية التفكير ولا رافضة للثقافة المغايرة.
ربما يظن البعض أن الأمر لا يستحق، وأنه مجرد مهرجان يقوم به أحد المراكز الثقافية الأجنبية فى القاهرة، لكن فى ظل ظروف السياحة التى تعانى منها مصر، فإن مثل هذه الفعاليات والمشاركات الدولية هى التى تساهم فى حل الأزمات، بل على الدولة المصرية التشجيع الدائم لأى نشاط ثقافى تقوم به الدول الأجنبية، يفتح الباب لقليل من الضوء لحل الأزمات.
مرحبا بالهند وبثقافاتها وبنجومها على أرض مصر، وعلى الإعلام أن ينتبه، ويعلى من قيمة هذه الفعاليات، ويستضيف القائمين عليها، وينقل بعض فعالياتها فى القنوات الثقافية المتخصصة، فذلك لن يضر شيئا بل يفتح طاقة من النور.