ما نحتاجه فى مصر بصورة مُلحة هو أن تقوم كل مؤسسة بدورها فى بناء المجتمع على أكمل وجه، وأن تسهم بشكل إيجابى فى تقديم تصور يعمل على إفادة الصالح العام، وبمجموع المساهمات الجيدة للمؤسسات المتعددة يصبح لدينا فى النهاية مجتمع قادر على مواصلة الحياة، وشرط المساهمات الجيدة التفكير خارج الصندوق، ومن ذلك ما فعله المجلس الأعلى للثقافة بالموافقة على اقتراح لجنة الموسيقى والأوبرا والباليه بأن يعقد مسابقات فنية سنوية، ترصد لها جوائز مالية يقدمها المجلس من أجل تشجيع إبداعات المواهب الشابة، واكتشاف جيل جديد من المبدعين فى كل مجالات الفنون، ورعايتهم فنيًا، والمسابقات ستكون فى العزف على آلات البيانو والأبوا والكلارينت والفيولينة والتشللو، ومسابقات فى الغناء العربى، والتأليف، والنقد الموسيقى، ورقص الباليه.
بالطبع أن يصبح للدولة دور فى اكتشاف المواهب، وما أكثرها فى مصر، يعتبر عودة لدور الدولة فى تبنى أبنائها الموهوبين، وتقديمهم بشكل جيد يليق بتاريخنا الفنى، بدلًا من تركهم للجهات الخاصة، الصادقة منها وغير الصادقة، والتى يكون هدف بعضها المتاجرة أحيانًا بهذه المواهب، وصناعة شو إعلامى، وربح إعلانى، وبعد ذلك يختفى الجميع، ولا نعرف لهم سبيلًا، فلا نسمع عن مطرب، ولا نرى موهبة، ولا نعرف كيف أصبح حال الذين أشعلوا برامج المسابقات موسمًا كاملًا، وهذه البرامج الخاصة تحتاج إلى إحساسها بالخطر من منافسين حقيقيين، حينها ربما تسعى إلى تعديل وضعها، وتعمل على المواهب الرابحة، وتقديمها للمجتمع.
لذا نرجو أن تكون المسابقات التى يقوم بها المجلس الأعلى للثقافة ليست مقصورة على فكرة التسابق والفوز، لكن أن يتجاوز ذلك لفكرة الاستفادة من هذه المواهب، وتقديمها للوسط الثقافى، والعمل عليها وتطويرها، ويكون ذلك بالتنسيق مع المؤسسات المعنية، مثل الأوبرا، وأعتقد أن الدكتورة إيناس عبدالدايم سترحب بهذه الفكرة، كما أنها تعرف جيدًا كيفية الاستفادة منها.
جانب آخر على المجلس الأعلى للثقافة التفكير فيه، هو أن ينسق مع التليفزيون المصرى، بحيث تتم إذاعة هذه المسابقات فى قنوات النيل المتخصصة، الثقافية أو غيرها من القنوات المتعددة، وأن تكون بثًا مباشرًا، وفى وقت يسمح بإتاحة الفرصة لقدر كبير من المشاهدة، وأن تكون لجنة التحكيم معروفة ولها مصداقية، وذلك سينعكس بشكل إيجابى على كل من الأعلى للثقافة، والتليفزيون المصرى، والمتسابقين.
نستطيع فى مصر أن نصنع المختلف والمؤثر هذا إذا ما أردنا ذلك، وعملنا عليه بالشكل الحقيقى، وعرفنا كيفية توظيفه والاستفادة منه فى صنع الحضارة والمستقبل للمصريين.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة