كل ساعة تمر منذ 25 يناير 2011 وحتى الآن، تتكشف حقائق، وتتعرى مواقف شخصيات وكيانات ودول، وتترسخ وقائع على الأرض، أبرزها أنه لا يعلو شىء فوق أمن وأمان واستقرار مصر، وأن جيشها أكد «فعلا وقولا» شعار «يد تبنى.. ويد تحمل السلاح».
وكتيبة زرع اليأس والإحباط، والمضللين، والمزيفين للحقائق، والمتثورين اللاإراديين، والمسخفين من مصطلح الأمن والاستقرار، تكشف كذب وفجور ما ينادون به من الهجوم الضارى ضد الشرطة، وتدشين شعار «يسقط يسقط حكم العسكر»، والتركيز فقط على الحرية الكلامية، من شتيمة وإهانات وسفالة وانحطاط، أى أنهم رفعوا من شأن تجارة الكلام، وحطوا من قيمة تجارة الأفعال.
ووجدنا خلال الأيام القليلة الماضية إعادة إحياء التحالف الشيطانى القديم «الإخوان والناصريين والحركات الفوضوية بجانب نشطاء السبوبة وأصحاب دكاكين حقوق الإنسان»، وهدفه الرئيسى إسقاط البلاد فى بحور الفوضى على غرار ما يحدث فى سوريا.
وعندما تحذرهم من أنهم يدفعون بالبلد إلى مصير سيئ، وعليكم اتخاذ سوريا نموذجا حيا وقويا لابد من الاستفادة منه، يسخرون منك، ويسفهون من التحذير، ونسأل هؤلاء: ما رأيكم فيما يحدث حاليا فى «حلب» درة المدن السورية؟
حلب هى أكبر مدينة سورية من ناحية تعداد السكان، وأكبر مدن بلاد الشام، كما تعد أقدم مدينة فى العالم، حيث كانت عاصمة «مملكة يمحاض الأمورية»، وتعاقبت عليها حضارات عدة، مثل الحيثية، والآرامية، والآشورية، والفارسية، والهيلينية، والرومانية، والبيزنطية، والإسلامية، وفى العصر العباسى برزت حلب كعاصمة للدولة الحمدانية التى امتدت من حلب إلى الجزيرة الفراتية والموصل.
وظلت حلب لقرون طويلة هى أكبر المدن السورية، وثالث مدينة فى الدولة العثمانية بعد إسطنبول والقاهرة، وتلقت حلب أكبر الضربات عند بداية القرن العشرين، وتحديدا عند سقوط الخلافة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، حيث تم قطع أجزاؤها الشمالية وتم ضمها إلى تركيا عام 1920، بالاتفاق بين أتاتورك وسلطات الانتداب الفرنسى.
ورغم كل هذه الضربات بقيت هذه المدينة عاصمة اقتصادية لسوريا، حيث تضم أهم المعامل الصناعية، وتشكل مركزا للمناطق الزراعية، أبرزها زراعة القطن الضرورية لمعامل النسيج المزدهرة فى المدينة، كما أصبحت المدينة القديمة فى مدينة بحلب من مواقع التراث العالمى لليونسكو عام 1986، ونالت المدينة لقب عاصمة الثقافة الإسلامية عن الوطن العربى عام 2006.
هذا هو تاريخ المدينة بشكل مختصر للغاية، ونسأل أين حلب الآن وتحديدا منذ اندلاع ثورات الربيع العربى؟ وهل مازلنا متمسكين بمصطلح «الربيع العربى» هذا؟ أم أنه خريف وتخريب الدول العربية وتدميرها مثلما حدث فى مدينة حلب؟
مدينة حلب تشهد محو وإزالة تاريخها وتدمير آثارها، وتخريب اقتصادها، باعتبارها قلعة صناعة النسيج الرائع فى الوطن العربى، والتى انتقلت إلى تركيا الآن، وكأنها خطة ممنهجة هادفة لمحو البلاد التاريخية ذات الثقافة المتجذرة فى أعماق التاريخ الإنسانى.
ما يدور فى حلب، صرخة تحذير مدوية، لكل عربى بشكل عام، وإلى كل مصرى بشكل خاص، تقول: «استميتوا فى المحافظة على أمن واستقرار بلادكم، وادعموا وساندوا جيوشكم، ولا تسمحوا للمخربين، ودعاة الفوضى، والخونة يلعبوا بعقولكم من خلال تدشين شعارات براقة، باطنها الخراب والدمار، وظاهرها دغدغة مشاعر البعض.
ما يحدث فى «حلب» درس قاسٍ ومؤلم وخطير، لابد أن يكون ماثلا أمام أعين كل مصرى وعربى، ومحفورا فى ذاكرته، لا ينساه على الإطلاق ولو غفوة عين، للمحافظة على الأوطان.
دندراوى الهوارى
إلى حمدين والبرادعى والمخربين.. ما رأيكم فيما يحدث فى «حلب»؟
الأحد، 01 مايو 2016 12:00 م