لماذا لا ننظم زيارات شبابية للمشروعات القومية؟.. تدور عجلة العمل فى أكثر من مشروع قومى، فى الصعيد والدلتا وسيناء وغالبية محافظات مصر، فالأمر لم يعد مقتصرًا على قناة السويس الجديدة، إنما نتحدث- على سبيل المثال- عن مشروع تنمية الساحل الشمالى الغربى، والمركز اللوجستى العالمى لتخزين وتداول الغلال والحبوب، ومدينة الأثاث فى دمياط، ومدينة الرخام فى سيناء، ومدينة العلمين الجديدة، ومشروع هضبة الجلالة، ومشروع المليون ونصف المليون فدان، ومشروعى تطوير مطار وميناء الغردقة، وملامح مشروع تنمية محور قناة السويس، والمشروع النووى فى الضبعة، وحقل شروق كأكبر حقل للغاز الطبيعى، ومشروع الاستزراع السمكى بكفر الشيخ، ومشروعات أخرى كثيرة يجرى العمل عليها.
ورغم هذه القائمة الطويلة، فإننى أصطدم دومًا بعدم معرفة قطاع كبير من الشباب شيئًا عن هذه المشروعات، بل إنهم فى أوقات كثيرة لا يصدقون ما يكتب أو يقال عنها فى وسائل الإعلام، وينظرون لها باعتبارها وهمًا كبيرًا يتم الترويج له من جانب الإعلام المساند للرئيس عبدالفتاح السيسى، ومن يتابع تعليقات الشباب على مواقع التواصل الاجتماعى سيتوصل إلى هذه النتيجة، وهى بالتأكيد صادمة، لأنها تشير إلى وجود خلل يحتاج لتدخل سريع من جانب الدولة لإصلاحه، حتى لا يتفاقم ونكون أمام حالة مستعصية.
عدم معرفة الشباب شيئًا عما يحدث فى مصر، واقتصار معرفتهم على ما يكتب ويقال فى مواقع التواصل الاجتماعى، هو نوع من حروب الجيل الرابع التى لا يريد أحد الاعتراف بها حتى الآن فى مصر، ويعتبرونها نوعًا من التزيد لا ضرورة له، وتضخيمًا لنظرية المؤامرة التى لا أساس لها، ومهما حاولنا الحديث والتنبيه من خطورة ما يتعرض له شبابنا، لكن يبدو أنه لا مجيب، وإلا بماذا نفسر ما يحدث الآن؟
هذه الحالة بالتأكيد تستدعى عدة تساؤلات مهمة، خاصة بالدور الذى تقوم به وزارة الشباب والجامعات فى التواصل مع الشباب، وهل هذا الدور مقتصر على مجموعات معينة لا تتعدى فى مجملها نسبة ضئيلة جدًا من مجموع الشباب المصرى؟، ولماذا لم نرَ حتى الآن برامج حقيقية تستطيع جذب الشباب، ووضعهم فى صورة ما يحدث الآن فى مصر، وما يقال عن وزارة الشباب والجامعات ينطبق أيضًا على النقابات المهنية والعمالية، خاصة أن دور هذه النقابات بدأ ينحصر مرة أخرى فى العمل السياسى، والابتعاد عن الجانب الخدمى والتثقيفى لأعضاء هذه النقابات.
قد يكون مطلوبًا الآن العودة لبعض الطرق القديمة لوضع الشباب فى صورة ما يحدث، ومنها تنظيم زيارات ميدانية للمشروعات القومية التى يجرى تنفيذها، على أن تتولى وزارة الشباب هذه المهمة، وألا تقتصر المشاركة على فئات أو مجموعة معينة، إنما تكون المشاركة مفتوحة لكل الشباب من كل التيارات السياسية، ولا مانع من إقامة معسكرات شبابية فى الصيف داخل بعض من هذه المشروعات، ليكون الشباب جزءًا من خطة التنمية التى يتم العمل على تنفيذها حاليًا، فعلى سبيل المثال، من الممكن أن تقيم وزارة الشباب معسكرًا شبابيًا فى العين السخنة، أو أى منطقة قريبة من هضبة الجلالة، يقضى فيه الشباب جزءًا من النهار وسط المشروع، ويكون يدًا بيد مع العاملين فى تنفيذ هذا المشروع الضخم، على أن يتم تخصيص الفترة المسائية فى الندوات التثقيفية والحوارية والأنشطة التى يبرع فيها الشباب المشاركون فى المعسكر.
المعسكرات الشبابية وتنظيم الزيارات الميدانية جزء من حل المعضلة التى نراها الآن، كما أنها أداة لتنشيط الحركة الشبابية وإدماجها مع حركة التنمية التى تعمل عليها الدولة حاليًا، لكنها ليست كل الحل، وهنا نعود مرة أخرى إلى الدور المهم والمطلوب من وزارة الشباب ومراكز الشباب التابعة لها، والمنتشرة فى كل قرية ومدينة، والتى من المفترض أن يكون لها دور فى صد الهجمة التى تستهدف شباب مصر، والتى تحاول تدميرهم صحيًا وبدنيًا وعقليًا، لكن للأسف الشديد لا توجد حتى الآن رؤية واضحة لدور مراكز الشباب فى هذه النقطة تحديدًا، فالعمل كله يسير على استراتيجية الشكل دون التطرق للمضمون، بمعنى أن الوزارة مهتمة بعدد مراكز الشباب التى جرى تطويرها أو بناؤها، لكنها لم تتحدث عن الدور الإيجابى الذى تقوم به هذه المراكز، وهل تطوير الشكل أثر على المضمون أم بقينا عند نفس النقطة دون أى خطوة واحدة للإمام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة