لا يمكن أن نستسلم إلى اعتبار أن ما حدث فى مصر خلال السنوات الخمس الماضية هى ثورات، وأن خلع أو عزل رئيس مصر، سواء مبارك أو مرسى هى بداية حقيقية لإحياء شعب، لأننى أرى أن ما حدث منذ 25 يناير 2011 وحتى الآن مجرد فورات شعوب أنتجت انهيارا كاملا فى أخلاقيات واقتصاديات وسياسات شعوب المنطقة، حتى أننى مازالت مؤمنا إيمانا كاملا أنه منذ هروب الرئيس التونسى السابق زين العابدين مرورا بخلع الرئيس الأسبق مبارك وحتى عزل الرئيس الفاشى محمد مرسى، وشعوب تلك المنطقة أخرجت أسوأ ما فيها، فظهرت البلطجة والإرهاب وتنظيمات لم نكن نسمع عنها، حتى التنظيمات التقليدية التى كانت موجودة قبل الربيع العبرى، مثل 6 إبريل والإخوان والاشتراكيين الثوريين كانت تتعامل فى معارضتها للنظام الحاكم بشكل سلمى، أما بعد 25 يناير فقد استخدمت البلطجة والإرهاب والقتل للسيطرة على الساحة السياسية، وهو ما جعل تلك التنظيمات فى خانة الإرهاب، ويضاف إليها كل الروابط الرياضية مثل الألتراس الأهلاوى والوايت نيتس الزملكاوى وغيرها من هذه الروابط التى اعتقدت أنها صنعت ثورة، وأنها تنتظر جنى الثمار، وعندما شعرت أن ما فعلته كان جريمة فى حق الوطن تحولت إلى جماعات أكثر عنفا ودموية.
وتكرر هذا فى أغلب دول الربيع العبرى، لهذا نجد الدكتور مصطفى علوى يتحدث عن حالات مثيرة، منها حالة اليمن فلم يتم علاج الأزمة على نحو مختلف ودخلت البلاد فى حرب أهلية، وكاد الموقف يتكرر فى مصر لولا جيشها الذى وقف حائط صد أمام مؤامرات الإخوان وكل دول المنطقة، ويكشف د. علوى، فى دراسته التى سبق الإشارة إليها فى مقالات سابقة، عن الدور التركى فى هذا الربيع العبرى فيقول: كان لدور تركيا فى التعامل مع الثورات العربية، ونجاحه فى حالة سوريا تأثير مهم نتج عن وصول عناصر داعش المنتمين إلى دول عربية، بل وأوروبية، إلى دول الربيع العربى، خاصة سوريا والعراق، كل لكل ذلك دور فى مساندة داعش وعناصرها، وحتى لو قيل إن تركيا الآن تشارك فى ضرب مناطق يوجد بها داعش فى المنطقة العربية، وربما بتنسيق مع دول غربية أوروبية أو أمريكية، فإن ذلك لا يعنى أن موقف تركيا من مسألة داعش كانت من قبل كما أصبحت عليه الآن، وهو ما يشير إلى تفسير لتغيرات فى السياسات والمواقف الغربية، وبالذات الأمريكية، وإن كانت تتم كلها فى إطار تحرك استراتيجى من جانبهم مستهدف تقسيم أو إضعاف أو تفكيك تلك الدول العربية، بحيث ينتهى تأثيرها ولا يعود للظهور.
والتأثيرات السلبية والخطيرة الناتجة عن داعش الإرهابية ربما لا تقتصر على الدول العربية المذكورة فى الفقرة السابقة. فلا شك أن ما يحدث هناك لا بد وأن يؤثر فى دولة القلب أو المركز العربى، أى مصر التى تحيطها بشكل مباشر أو غير مباشر، ولكنه يؤثر على الدول العربية التى فيها وجود ملحوظ لداعش، أى ليبيا وسوريا والعراق واليمن.
إن المواجهة الناجحة والفاعلة لداعش والإرهاب لابد وأن تقوم على تحالف دولى حقيقى تنشئه الأمم المتحدة ودولها الأعضاء، خاصة الدول الخمس دائمى العضوية فى مجلس الأمن الدولى، بالإضافة إلى الدول التى تمثل قوى إقليمية رئيسية ومهمة مثل مصر والسعودية والجزائر والمغرب والأردن، وربما سوريا والعراق مستقبلا، وإن كانت تمثل أرضية مهمة لمواجهة قوى الإرهاب الدولى على أراضيهما الآن. ولا بد وأن يقوم ذلك التحالف على مهام محددة تنفذها بفاعلية الدول الأعضاء بتحالف حقيقى يقوم على تحديد دقيق للحقوق والواجبات. فإذا تم ذلك، فإنه سوف يقود إلى تصور سليم دقيق فاعل ومتكامل لجماعات وتنظيمات الإرهاب على المستوى الدولى أو العالمى، وهو ما سيضع نهاية لتلك السياسة النظرية وغير الفاعلية وعالية الثمن والتكلفة التى تؤدى إلى إنهاك وإضعاف وعدم الحسم فى مواجهة ذلك الإرهاب الذى كان يأخذ فى التمدد والتهديد خلال الفترة الماضية، وبخاصة فى العامين الماضيين.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مراد
يجب الا نوضع أخطاؤنا على شماعات جاهزة بدلا من الحل الصحيح
عدد الردود 0
بواسطة:
elhakany
مقال محترم جدا
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
فات الميعاد