هل وقفتم شاخصين أمام القنوات الفضائية التى تنقل قلة حيلتنا أمام المصائب الكبرى، وهل تأملتم جيدًا الصور التى نشرتها المواقع الإخبارية لحريق العتبة، وقارنتم درجة الخراب التى رأيتموها بما شاهدتموه من حروب منتشرة فى العالم، وهل لاحظتم درجة استعار النار التى لم تبق ولم تذر فى المبانى وما تحتويه، هل تابعتم انتقال الحريق من مبنى لثانٍ لثالث لرابع إلى ما لا نهاية، وهل شاهدتم عجزنا متمثلا فى عدم قدرتنا على المساعدة أو فعل شىء، وهل فكرتم فى الخسائر التى أصابت الجميع بداية من البائع الفقير الذى يقف على ناصية الطريق، وانتهاء بالدولة التى أصابت النار أحد أهم المواطن الحيوية فيها؟ هل رأيتم القاهرة تحترق؟
ما أكثر الأسئلة وما أقل الإجابات، لكن خلاصة الأمر أننا نسعى بوعى أو بدون وعى إلى التبدل والتغير للأسوأ، إن الأماكن التى تعد قلب مصر تحترق وتتغير مظاهرها وتتحول إلى مسخ، ودائما ما يكون المبنى والأثر جاهزا بجانب الإنسان ليدفع ثمن أخطائنا، حتى نستيقظ ذات يوم لنجد مدننا وقد فقدت تاريخيتها وأصبحت مجرد مدن عابرة، نتحدث عن تاريخها القديم، ونشاهد آثارها مطبوعة فى الكتب، ومعلقة فى الصور، لكننا لا نراها على أرض الواقع، لأن حريقا مدمرا ترك أثره على شوارعها ومبانيها التراثية.
فيما حدث هذا الأسبوع من حرائق لا يمكن أن نغفل الخسائر المادية التى أصابت بائعى العتبة وتجارها، لكننا لا نتخيل أو نستوعب أن نستيقظ على تغير هذه المنطقة التراثية وانتهائها بفعل حريق، من الممكن أن يتكرر فى أى وقت، فليس هناك ما يمنع، بدليل أنه حدث أيضا فى منطقة الغورية بعده بيومين، وما أدراك ما الغورية؟
علينا أن نعلم جيدًا أن المبانى التاريخية والتراثية لا يمكن تعويضها، لذا يجب أن نحاذر جيدًا من امتداد النار إلى هذه المبانى وغيرها، كما حدث لمبنى صيدناوى فى منطقى العتبة، ويكفى أن نعرف أن حريق الغورية الذى حدث أمس كان فى الشارع نفسه يوجد به جامع الغورى، وحمام وكالة الشربينى، وهما أثران مهمان.
الخطر الذى يواجهنا كبير ويتعلق بالهوية المصرية، لأن جزءا أساسيا من هوية القاهرة ترجع لكونها مدينة ذات سمت تراثى، وفى البلاد التى تهتم بتراثها تجعل هذه المناطق محط اهتمام الدولة كلها، فتوفر من الحماية المدنية ما يليق بها، كما أنها تسعى للتخفيف من الضغط ومن وجود المحال التجارية فى هذا المكان التراثى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة