فى إبريل الماضى كتبت تحت عنوان «قتل المصريين فى ليبيا فى رقبة تنظيم داعش»، وكشفت فى هذا المقال كيف يأتى المصريون فى صناديق الموت القادمة من ليبيا، وإننا منذ سقوط ليبيا تحت الاحتلال الداعشى والشعار الذى يجب أن يرفعه كل مصرى يفكر فى السفر إلى هذه الدولة هو «الداخل لليبيا مقتول والخارج مولود»، لم أصدم كثيرا عندما سمعت عن مقتل 16 مصريا فى ليبيا على يد عصابات تهريب البشر، لأننى لم أعد مؤمنا أن ليبيا أصبحت دولة بل هى وكر لكل أنواع الجرائم الدولية، من إرهاب، إلى تهريب البشر، إلى مخدرات، وربما إلى دعارة أيضا، فليبيا اليوم أصبحت دولة عصابات وميليشيات، ومن يذهب إليها يكتب وصيته، لهذا فإننى أطالب كل من يفكر فى الذهاب إليها أن يعود إلى مصر فعصابات الموت من أمامه، وعصابات داعش من خلفه، وهو ما كان يعرفه المصريون الذين قتلوا مؤخرًا، خاصة أن من قتلهم عصابة تهريب البشر، والحقيقة أننى كلما قرأت أخبار انتصارات التنظيم الإرهابى داعش فى ليبيا ترحمت على روح الأخ العقيد معمر القذافى الذى تآمرت عليه كل قوى الشر، ونجحت فى قتله وتدمير ليبيا لصالح التنظيمات الإرهابية من الإخوان إلى داعش.
ومنذ قتل القذافى على يد البرابرة والإرهابيين ممن يطلقون على أنفسهم ثوارا وأنا أحذر فى كل كتاباتى من أن الخطر المقبل على مصر الآن لن يكون من حدودنا الشرقية مع العدو الصهيونى فقط، بل من حدودنا الغربية مع دولة ليبيا التى تحولت إلى أكبر وكر للإرهاب فى العالم، والآن يتحقق جزء مما قلته، حيث نجحت عصابات داعش فى احتلال أجزاء من ليبيا، ومنها سرت، وهو ما يجعل خطورة هذا التنظيم فى تزايد، وأن الضربات الوقائية ضد هذا التنظيم أصبحت فرض عين، وأن غض الطرف عن العربدة الداعشية لم يعد مطلوبا، خاصة بعد أن ظهر ضمن صفوف هذا التنظيم أعضاء من التنظيم الدولى لجماعة الإخوان، بل هناك منهم من قام بالتطوع ضمن صفوف داعش الليبية، وهو ما يعنى أن أصابع الإخوان بدأت تلعب فى ليبيا، مستخدمة تنظيم داعش هناك لتهديد حدودنا مع ليبيا بهدف إحراج نظام السيسى.
والحقيقة أننى قلت أكثر من مرة، إن نظام القذافى كان أفضل مليون مرة، والحقيقة التى كتبتها أكثر من مرة أننى لست مؤمنا بأن ما حدث فى ليبيا ثورة، بل هو احتلال أجنبى بكل ألوان الطيف، من أمريكانى إلى فرنسى، بالإضافة إلى عشرات التنظيمات الإرهابية التى نجحت فى تقسيم ليبيا إلى دويلات، ومع التقسيم والدمار ينعدم الأمن والأمان ويتم تفكيك الدول، وهو الهدف الغربى والأمريكى، كل هذا جعلنى لست مؤمنا بأن ما حدث ثورة، وهو ما أكدته الأيام، حيث تتصارع عشرات الملل والنحل والتنظيمات على أرض ليبيا التى تحولت إلى حقل تجارب لكل التنظيمات الإرهابية، والدليل هو هذا التجمع الكبير لكل التيارات الإرهابية التى حولت ليبيا إلى وكر للسلاح والتطرف، وهو ما جعل بعض شياطين جماعة الإخوان تفكر فى إرسال قيادات متطرفة لتشكيل تنظيمات إرهابية تقوم بالتسلل لمصر، وتنفيذ عمليات إرهابية وتفجيرات كبرى تحت زعم استعادة الشرعية، وظهر ما يعرف باسم «جيش مصر الحر»، و«كتائب النصرة»، و«أحرار مصر»، وغيرها من التنظيمات التى تضاف إلى تنظيم أنصار بيت المقدس الذى يقال إنه نقل نشاطه من سيناء وغزة إلى ليبيا، لوجود التربة الصالحة للعمل بحرية كاملة، بعد أن أصبحت ليبيا مكانا لكل التنظيمات الإرهابية، خاصة بعد سقوط الحكومة المركزية.
التنظيم الدولى للإخوان استغل حالة الفوضى الكبرى فى ليبيا، وبدأ حرب استرداد عرش الإخوان، من خلال إرسال كتائب الموت الإخوانية لتنفيذ عمليات إرهابية ضد مؤسسات الدولة فى مصر، مستخدمة داعش، ولهذا لم يخفِ الإخوان وأنصارهم فرحتهم لاحتلال داعش لمدينة سرت، ونجاح عصابة داعش فى فرض واقع جديد فى ليبيا لا يختلف عن الواقع فى سوريا والعراق، وهو ما يجعل الإخوان يتمنون نجاح داعش فى ليبيا، لكى تستمر عملية التهديد للأمن القومى المصرى مستمرة.