الخميس الماضى قال صندوق النقد الدولى، فى تقريره الأخير حول الآفاق الاقتصادية العالمية، إن مصر تجاوزت جنوب أفريقيا، بسبب انخفاض قيمة عملتها المحلية «الراند»، ليصبح الاقتصاد المصرى ثانى أكبر اقتصاد فى القارة الأفريقية بعد نيجيريا، مع الإشارة إلى أن ذلك الارتفاع يرجع إلى توسع إجمالى الناتج المحلى لمصر بالدولار بنسبة %7.5 فى الفترة من 2012 إلى 2015، بالإضافة إلى تراجع الجنيه المصرى أمام الدولار بوتيرة أبطأ بالمقارنة مع «الراند».
فى نفس التوقيت، قالت مؤسسة «ستاندرد آند بورز» العالمية للتصنيف الائتمانى وخدمات المستثمرين، إن حقل الغاز الطبيعى «ظهر» الذى اكتشفته شركة إينى الإيطالية فى المياه الاقتصادية المصرية بالبحر المتوسط، سيدعم النمو الاقتصادى فى مصر، من خلال تشجيع الاستثمار فى قطاع النفط والغاز المصرى، مشيرة إلى أن الحقل سينتج 850 مليار متر مكعب.
بالطبع هناك من لا يثق فى دقة هذه التقارير التى تحاول رصد أداء الاقتصاد المصرى، حتى إن كانت صادرة عن مؤسسات دولية ذات ثقة، ويعتبرها بعيدة عن الواقع والمنطق أيضا، لكن إذا تم النظر بعين محايدة لنتائج هذه التقارير وربطها بالحركة النشطة والدؤوبة التى تجرى فى عدد كبير من المحافظات فسيتأكد من صحة ما انتهت إليه، لكن الأمر يحتاج فقط إلى نظرة محايدة تجنب الخلاف السياسى.
ولكى أكون دقيقا فى حديثى، فلننظر لما حدث الأسبوع الماضى فقط، لنجد أن هناك مسارا صحيحا تسير عليه الدولة فى محاولة جادة لتنشيط الاقتصاد المصرى، وهنا تجب الإشارة إلى التصريح المهم جدا الذى أدلى به الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال افتتاحه موسم حصاد القمح حينما أكد أن إجمالى تكلفة المشروعات القومية التى تنفذها الدولة يبلغ «تريليون و300 مليار جنيه»، إلا أنه تم توفير 260 مليار جنيه من التكلفة لتبلغ «تريليون و40 مليار جنيه».
المشروعات القومية بالتأكيد تتضمن البنية التحتية التى تساعد على جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية أيضا، وهى العقيدة التى يؤمن بها الرئيس السيسى منذ أن انتخب رئيسا لمصر، فمن دون الطرق ووسائل النقل الحديثة، وتوفير موانئ قريبة من المناطق الصناعية لن تكون هناك فائدة من أى امتيازات يتم منحها للمستثمرين، لأن المستثمر يبحث أولاً عن وسائل النقل الآمنة وقليلة التكلفة قبل أن يبدأ مشروعه، فضلاً عن توفير مصادر الطاقة.
الأسبوع الماضى فقط افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى 32 مشروعا جديدا فى 19 محافظة، شملت وحدات الإسكان الاجتماعى بمدينة بدر، بالإضافة إلى مشروعات الإسكان الاجتماعى فى العديد من المحافظات، إلى جانب مشروعات معالجة المياه، والصرف الصحى، ومشروعات فى قطاع النقل وإنشاء الطرق والكبارى وتطوير السكك الحديدية، وكان لافتا تصريح الرئيس بأن الدولة تولى اهتماما كبيرا لتطوير المناطق العشوائية، ولاسيما غير الآمنة منها التى يقطنها نحو 850 ألف نسمة، خاصة أن ذلك يسهم فى إظهار الصورة الحضارية لمصر، فى مواجهة دعاوى التشويه التى تتعمد إبراز المناطق العشوائية من خلال بعض القنوات الفضائية غير المصرية.
وقبل ذلك بأسبوع شهد الرئيس أول إنتاج لمشروع استصلاح وتنمية المليون ونصف المليون فدان، وذلك من المرحلة الأولى للمشروع فى الفرافرة بمنطقة سهل بركة، حيث أعطى إشارة البدء للحصاد، وعرض الرئيس خلال هذه المناسبة عددا من المشروعات التى يجرى العمل عليها، منها مشروع الشبكة القومية للطرق، حيث تم إنشاء وتطوير 5000 كم من الطرق بتكلفة 50 مليار جنيه، فضلا عن الانتهاء من بناء 135 «كوبرى» ستتم زيادتها إلى 150 «كوبرى» بنهاية العام الجارى بتكلفة إجمالية تبلغ 30 مليار جنيه، فضلاً عن 2000 كم من الطرق سيتم إنشاؤها فى سيناء، بالإضافة، بالطبع، إلى مشروع تنمية سيناء بتكلفة تتراوح بين 20 و30 مليار جنيه، وإنشاء أربعة أنفاق لربط سيناء بالوادى، مع الإشارة إلى أن مشروع تنمية سيناء يضم أيضا إنشاء مزارع سمكية وخطين لإنتاج الأسمنت و15 مصنعا للرخام، وزراعة 200 ألف فدان، ومحطتين لمعالجة المياه، ولا ننسى مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس، الذى يتضمن إنشاء مناطق صناعية، وعدة موانئ من بينها ميناءا شرق التفريعة والعين السخنة.
هذا جزء مما يحدث ويؤكد أن البلد بالفعل ينمو اقتصاديا، لكنه يحتاج لعمل شبابه أكثر من ذلك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة