بعض المنتمين لجماعة الإخوان "المهزوزة" عاملين ملطمة على مواقع التواصل الاجتماعى، شماتة فى الحكومة والمصريين بعد إعلان التقرير الجديد لوكالة التصنيف الأمريكية ستاندرد آند بورز، والذى خفض التوقعات الائتمانية السيادية لمصر من مستقرة إلى سلبية، وقالوا إن الحكومة كانت قد وضعت فى بطنها بطيخة صيفى بعد أن قامت بـ"تستيف الأوراق" على اعتبار أنه ليس فى الإمكان أفضل مما كان، حيث أعلنت عن زيادة احتياطى النقد الأجنبى، وخفضت قيمة الجنيه المصرى.. إلى آخر ذلك من الأوراق.. وكانت الحكومة تتوقع بعد أن قامت بكل ذلك، أن يرتفع تصنيفها الائتمانى، أو على أقل تقدير يظل كما هو، لكن الحكومة فوجئت بـ"الكارثة"، على حد وصفهم، وهو خفض التصنيف الائتمانى الذى كان له وقع الصاعقة عليها!
وأبسط تعليق على هذا الكلام هو أن البعض يكذب الكذبة ثم يصدقها، ويحاول أن يقنعنا بتصديقها، فستاندرد آند بورز، والتى تشكل مع "موديز" وفيتش وكالات التصنيف الائتمانى الأمريكية الثلاثة الأشهر فى العالم، تواجه اتهامات بعدم المصداقية فى أوروبا، بل وفى الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، بعد أن فشلت فى توقع الأزمة المالية الأكبر التى ضربت الولايات المتحدة عام 1987 ، والتى تعد الأزمة الأكبر بعد الأزمة الاقتصادية الكبرى التى ضربت أمريكا والعالم فى نهاية العشرينيات وحتى منتصف ثلاثينيات القرن الماضى.
بل على العكس أعطت الوكالات الثلاثة، وعلى رأسها ستاندرد آند بوروز، تقييمات مضللة، حيث منحت عامدة متعمدة، على خلاف الواقع، تصنيفًا مرتفعًا لبعض السندات والقروض العقارية، والتى ثبت بعد أن وقعت الواقعة أن أصحابها على الحديدة، ما أدى إلى تفاقم توابع الأزمة التى أدت إلى إفلاس المئات من البنوك والمؤسسات المالية الأمريكية، ومعهم الآلاف من الأمريكيين، وتأثر بعض دول العالم المرتبط بالاقتصاد الأمريكى .
وقد اتهمت وزارة العدل الأمريكية ستاندرد آند بورز تحديدا بأنها تصدر تقييمات حسب هواها، وحسب هوى الزبون.. وقد اعترفت ستاندرد آند بورز بما اقترفته يداها، ودفعت مليارات الدولارات كتعويضات للذين أضيروا من تقييماتها "المفبركة"، وذلك وفقا لاتفاق توصلت إليه مع وزارة العدل الأمريكية لتفادى مساءلتها قضائيا وجرجرتها لساحات المحاكم.. وقد قامت باقى وكالات التصنيف بدفع تعويضات للمواطنين الذين أضيروا من تقييماتها غير الصحيحة.. لكن كانت التعويضات أقل بكثير مما دفعته ستاندرد آند بورز، على اعتبار أن غلطة الشاطر بألف!!
ومن يقرأ بيان وزارة العدل الأمريكية عن فضيحة ستاندرد آند بورز يجد كلماته أشد قسوة، والاتهامات الموجهة للوكالة واضحة وضوح الشمس، وبالمناسبة التقرير منشور على الإنترنت، ونشر على نطاق واسع فى العالم كله منذ عدة شهور إلا فى مصر، مش عارف ليه؟!
أما دول أوروبا فقد اتخذت موقفًا صارمًا من وكالات التصنيف الائتمانى الأمريكية.. وقد وضعت ضوابط صارمة على عمل هذه الشركات فى أوروبا تكاد تكون تعجيزية.. وقامت فى المقابل إلى تشجيع التعامل مع وكالات التصنيف الائتمانى الأوروبية، ودعت إلى تأسيس كيانات قوية تعمل فى هذا النشاط، لأنها ببساطة لا تطمئن إلى تصنيفات الوكالات الأمريكية التى تحتكر الأسواق العالمية، لأنها ليست فوق مستوى الشبهات.
والخلاصة أن ما تقوله "ستاندرد آند بورز" ليس كلاما مقدسا لايقبل النقض ولا الإبرام، بل أنه قد يكون موظفا لخدمة هذا الطرف أو ذاك.. وبالتالى لا يجب أن نتوقف أمامه كثيرا ولا يجب أن يحبطنا، نعم عندنا مشاكل ولدينا أزمات، ولدينا نقاط ضعف، لكننا أيضا ككل دول العالم بما فيهم أمريكا نفسها لدينا نقاط قوة ومزايا تنافسية فى العديد من القطاعات، وآخرها حقل "ظهر" أو شروق العملاق الذى اكتشفته شركة إينى الإيطالية، والذى سيجعل من مصر إحدى دول المنطقة التى يشار لها بالبنان.
والغريب أن تقرير ستاندرد آند بورز تطرق إلى أهمية حقل شروق فى دعم نمو الاقتصاد المصرى، لكنه مع ذلك أعطى تقديرا سلبيا لمصر.. متناقضا مع نفسه.. أى أن مقدمات التقرير لا تؤدى إلى نتائجه!!
لذلك كله أتمنى ألا نلتفت لتقارير هذه المؤسسات لأنها ليست خالصة لوجه الله والحقيقة بل قد تكون معجونة بأغراض سياسية.. وعلينا أن نستكمل ما بدأناه تحت شعار"القافلة تسير مهما كتبت وكالات التصنيف من تقارير"!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة