«نربى الأمل» ونسعد به ونفرح، هذا حالنا، لا نعرف غيره ولا نسعى لسواه، وفى حالات اليأس التى تصيبنا بصفة مستمرة لأسباب عدة منها تقصير المؤسسات عن القيام بدورها، يأتى دور بعضنا الذين تملأ أرواحهم بالخير وبالرغبة فى التغيير، لكنهم لا يكتفون بالرغبة، بل يسعون لتحقيق ذلك، ومن هؤلاء ما يفعله الصديق سامح فايز، فعلى أرض قرية كفر غطاطى بمحافظة الجيزة يولد الآن مشروع ثقافى لو ساعدناه كما ينبغى، سوف يصبح لدينا معنى حقيقى لوجودنا كمثقفين فى هذه الأرض، حيث يسعى «تيار الثقافة البديل» لإنشاء مكتبة كبيرة فى هذه القرية المحرومة، وهذه مجرد مرحلة فقط لمراحل أخرى مقبلة.
و«تيار الثقافة البديل» فكرة ربما مرت فى ذهن الكثيرين منا، لكنه تركها تمر فى سلام أو رأى بعين المتشائم أنه لن يستطيع أن يفعل شيئا، لكن البعض تجاوز فكرة التأمل لمرحلة الفعل، وهو مشروع ينتمى لما يسمى بـ«ثقافة القرية»، ويهدف تقديم تيار ثقافى بديل يبدأ الطريق الصحيح من القرى، ويحاول أن يصل للناس فى أماكنهم البعيدة عن خارطة وزارة الثقافة.
والقائمون على هذا الفعل الحسن يعرفون جيدا ماذا يفعلون، ويدركون إمكاناتهم المادية جيدا، ويضعون مراحل عدة للتحرك للأمام، ولن يفكروا فى مكان جديد قبل أن يثبتوا نجاحا فى مكانهم الأول، والمرحلة الأولى هى توفير الكتب، ومن بعدها سيعملون على مواصلة الخطوات الأخرى القائمة على مساعدة وتدريب أهل القرى ومساعدتهم على تنظيم الفعاليات الثقافية بشكل يؤدى إلى اكتفاء ذاتى فى كل قرية، بالإضافة لتنظيم قوافل ثقافية وحفلات ولقاءات أدبية وورش ثقافية ورحلات لمعالم سياحية وثقافية، واكتشاف مواهب شباب القرى ودعمهم، وفى نهاية كل عام سيقام مهرجان بعنوان «مهرجان القرية الثقافى»، تتعاون فيه جمعيات تنمية المجتمع المحلى فى القرى.
لكن كيف لنا أن نساعد فى مثل هذه المشاريع الثقافية التى تعكس وعيا كبيرا بمشكلات المجتمع، كنت بالأمس قد كتبت مقالة عن «الكتب المكدسة فى مخازن وزارة الثقافة»، وقلت إن الوزارة لا تملك خطة جيدة لتسويق هذه الكتب، واليوم أكرر السؤال لماذا لا تقدم الوزارة نسخًا من هذه الكتب لمشروع مثل «تيار الثقافة البديل»؟ هذا من ناحية المؤسسات أما فيما يتعلق بنا كأفراد، فيجب على المبدعين أن يساهموا بنسخ من كتبهم، ومن يستطع أن يساهم بالقليل من وقته تطوعا مع فريق العمل فقد أحسن جدا وأفاد أكثر.
شكرا لسامح فايز ولأفكاره الإيجابية ولكل من ساهم أو تطوع فى هذا المشروع، الذى يثبت أن التغيير يحتاج إيمانا بالقضايا الواجب تغييرها، وهذه فرصة ليكون المثقفون على قلب رجل واحد فى صناعة «تيار الثقافة البديل».