هل كان خروج الشعب المصرى فى هبتى 25 يناير و30 يوليو وإسقاط مبارك وجماعة الإخوان، يعنى أنه كان هناك تحالف سياسى حقيقى بالمعنى العلمى والسياسى والحزبى؟
بصراحة وبوضوح بعيدًا عن الشعارات المصكوكة والمقولات المحفوظة، فما حدث فى «25/ 30»، لا نستطيع أن نقول عنه إنه كان تحالفًا سياسيًا يمكن الاعتماد عليه، ففى 25 يناير كانت هناك دعوة للتظاهر ضد النظام، ممثلا فى الشرطة، وفى يوم عيدها، وكان هذا نتيجة لممارسات شرطية وأمنية كانت قد تجاوزت المعقول وتخطت كل الحدود، فلم يكن هناك تنظيم أو أجندة ثورية أو حتى خطة عامة يمكن الاتفاق عليها قبل هذه التظاهرة، حيث إن الدعوة كانت مثل كل الدعوات والتظاهرات السابقة، وإن كان زخم دعوة 25 يناير كانت أكثر نتيجة لما تم من تزوير فاضح ومفضوح فى انتخابات 2010، فكانت الأحزاب الديكورية، كل حسب علاقته بالسلطة، وحسب دوره المرسوم الذى ارتضاه. وكانت القوى السياسية تنتقل من حزب إلى حزب ثم إلى كفاية أو 6 إبريل أو الجمعية الوطنية، دون رؤية وخطة سياسية أو ثورية، كان الإخوان هم الفصيل المنظم الذى حدد لنفسه هدفًا، فاختطف الهبة، واستولى على السلطة.
فى 30 يوليو كان الشعب بالفعل قد أحس بخطر الجماعة، حيث الأخونة والسيطرة على مجمل الوطن دون سواهم، فكانت هبة جماهيرية بالفعل، ولكن لا تمثل تحالفًا سياسيًا، بالرغم من وجود ما يسمى بـ«الجبهة الوطنية»، حيث إنها تحالف شكلى كانت تناقضاتها أكثر من توافقاتها، حتى تمرد لم تكن حركة رفض للإخوان، لذا لم يكن هناك لا رؤية سياسية ولا بديلًا سلطاويًا، فكانت «الهبتان» هما تحركتان شعبيتان تلقائيتان لا فضل فيها لتنظيم أو لحزب، ولكن كانتا تعبيرًا عن رفض النظامين اللذين لم يمثلا أو يعبرا عن الجماهير، لذا كان من الطبيعى أن نجد أن هذا الكم الجماهيرى بعد الانتهاء من الشرعية الدستورية أن ينصرف، كل حسب مصلحته، ولا أقول حسب رؤيته، وذلك للغياب الحقيقى للأحزاب السياسية، فغياب الحزبية يعنى غياب الرؤية السياسية مؤيدة كانت أو معارضة، فلا حزب للنظام ولا وجود لأحزاب معارضة بالمعنى الحزبى، فالجميع يرقصون على السلم، وهذا فى غير صالح نظام السيسى، حيث إن النظام بلا شك كان قد ورّث مشاكل ومصاعب وتحديات ومواجهات لا قدرة لأى نظام عليها، خاصة إذا كان هذا النظام لا يملك الظهير الشعبى صاحب الرؤية السياسية، لذا قد تحولت العلاقة بين النظام والجماهير إلى علاقة شبه أبوية تحكمها العاطفة وتغلفها الثقة بعيدا عن العلاقة السياسية الحزبية المؤسساتية، فالسيسى يملك الصدق والإيمان بالوطن وحب الجماهير، وهو يحاول أن يقدم شيئًا لهذا الوطن، ولتلك الجماهير.
ولكن كل هذا لا ولن يكون بديلًا لوجود حياة حزبية حقيقية ورؤية سياسية يتم تسويقها للجماهير، حتى يمكن تكوين تحالف سياسى جماهيرى يحمى النظام ويساعده ويشاركه فى بناء الوطن، وتحقيق الآمال، وهذا لن يكون بهذا الأسلوب الأمنى الذى أخذ يزداد ويتفاقم، تصورًا أن هذا هو البديل للتحالف السياسى المطلوب، فلا بد من التفرقة بين المعارضة وبين الإرهاب والتفرقة بين التعبير عن الرأى بحرية، وإن كانت ضد النظام وبين من يسعى لإسقاط النظام والدولة بالإرهاب والترهيب، لابد من الاستماع للرأى الآخر فلا خير لو لم يقل المواطن رأيه، ولا خير فى نظام لا يسمع للجماهير حتى ولو كان لا يرضيه، فلا الرأى الآخر المخالف عدو وإرهابى، ويجب التعامل معه بالمحاصرة والمحاكمة، نعم الأمن مطلوب ولا استغناء عنه، ولكن السياسة والمعارضة والرأى الآخر أكثر طلبًا، وأكثر ضمانة للسيسى وللجماهير ولمصر، حتى تكون بالفعل والعمل مصر لكل المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة