احذر خداع «سوشيالى» متكرر
حتى لو أردت تحليلا عن أخطار مواقع التواصل الاجتماعى سوف تجده على هذه المواقع، وكان هذا أحد أهم موضوعات كتابى «عولم خانة»، حيث يمكنك أن تجد كل شىء من الإبرة للصاروخ، إلى حذائك الضائع، أو تدردش وترفع صورك وانت تبقول للناس كلها إنك سعيد. أو تبدأ يومك بجرعات أخبار وتعليقات كئيبة تغير مزاجك وتمدك بطاقة سلبية تكفى لعكننة يومك، وتفقدك الثقة فى نفسك وغيرك وعالمك، أو أخرى تمنحك أملا، لاستكمال يوم جديد.
ولو كنت من هواة الحصول على خلاصات الأفكار وموجز التحليلات سوف تجد ما يسرك. أنت فى عالم افتراضى، يفرض عليك ما تحبه ولك نسبة من الاختيار، إن فقدتها سوف تكون كشخص يسقط من فوق شلال شديد الانحدار. ولم يعد الإعلام صحافة ورقية وإلكترونية وفضائيات فقط، النسبة الأكبر من الكلام فى السياسة والاقتصاد والاجتماع، تأتى من الشبكات الاجتماعية. لأنها أسهل وأسرع وأكثر تكثيفا. والأهم أنها توفر لكل واحد ما يريده، وحسب تحليل المواقع الاجتماعية، أغلب رواد فيس بوك وتويتر، يختارون بوعى أو بدون وعى من يتفقون معهم فى الآراء السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ويندر أن تجد حوارا بين مختلفين ينتهى نهاية سعيدة، فقط تجد «الشير واللايك». كل مستخدم يعيش فى «جيتو» من أصدقاء يتطابقون معه فى الآراء. ولا مجال للحوار. وأنت تحب من يوافقك أو يبارك شعورك بالغضب والاكتئاب. وتسود ظاهرة «أبو العريف» المحلل الشامل الجامع المانع المتخصص فى كل شىء، يقدم تحليلاته واستنتاجاته أثناء الحدث وليس بعده، قادر دائما على إطلاق التحاليل للحر والتغير المناخى والاحتباس الحرارى، والسلام العربى الإسرائيلى، ويتحفك بتقرير مترجم وآخر مكور، وثالث مبرمج، ولم يعد مدهشا لأحد أن ترى خبيرا واحدا ناشطا، كتب فى أقل من أسبوع تحليلات للحر والحرائق والسلام العربى الإسرائيلى والنكبة والنقل العام والطرق والكبارى والأرز والقمح والكهرباء. وهو أمر ليس سيئا أو جيدا فى ذاته، فالطبيعى أن مواقع التواصل هى أماكن للدردشة وتمضية الوقت، لكن المشكلة أن البعض يأخذها بجدية، ويحدد مواقفه «الافتراضية»، بناء على ما يجده فى زحام موالد افتراضية، ليست مكانا للنقاش والحوار أو معلومات. وكثيرون يقعون ضحايا المعلومات المضروبة والتحليلات المزيفة التى تقوم على شائعات أو معلومات خاطئة. ضمن ظاهرة التحليل الفورى للأحداث والقرارات والخطابات.
لا ضرر منها لمن يتعامل بوعى، لكن ضررها لهؤلاء الذين يتعاملون بجدية مع واقع هزلى أو متعجل، واللافت هو انتقال عدوى الاستسهال «وخبراء كله»، وأصبحوا يكتبون من أجل «الشير واللايك». بما يؤكد التأثير القوى للشبكات الاجتماعية. وظاهرة الفتوى فى كل شىء لدرجة شيوع نكتة «القبض على افتراضى تلقى سؤالا وقال ما اعرفش». ويمكننا أن نضع تحذيرا على السوشيال: «احذر خداعا متكررا».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة